للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هل اندفع ملوك العرب إلى الحضارة بتأثير الفرس؟]

للأستاذ ضياء الدخيلي

يحاول سعادة الدكتور قاسم غني سفير إيران بمصر في بحثه عن تاريخ الطب الإسلامي في مجلة الرسالة الغراء - أن يثبت تصريحاً وتلويحاً أن الحضارة العربية شيدها الفرس وهي وليدة عبقرياتهم في الأغلب، وأن إدخال العلوم إلى بلاد العرب في العهد العباسي كان بتأثير النفوذ الفارسي، فهو يقول (إن النهضة العلمية الحقيقية بدأت في العصر العباسي، وكان للإيرانيين حينذاك نفوذ كبير وشأن في الدولة عظيم) ويقول (وإن أكثر المترجمين كانوا من أمم غير عربية وأحيانا من غير المسلمين كالسريان والعبريين، وفي الإيرانيين المسلمين منهم والنصارى واليهود والمجوس) ويقول (ففي هذا العصر ترجمت كتب علمية على درجة كبيرة من الأهمية، ولا سيما في زمن خلافة المأمون، وكانت أمه وزوجته إيرانيتين، وكان نفوذ الإيرانيين قد بلغ في عهده غايته) ثم قال في العدد الأخير (٧٨١): (في هذا العهد ظهر كثير من الأطباء الكبار من أصحاب التآليف المهمة في المسلمين كانت آثارهم ومؤلفاتهم تدرس في المدارس، وكتب العلماء مئات من الشروح والحواشي عليها، وترجمت مؤلفاتهم إلى اللاتينية، ودرست في مدارس أوربا الطبية، وكانت مدار الطب عندهم، وكان كثير منهم من إيران، وقد بلغت شهرة خمسة منهم حداً عظيماً، وخلدت أسماؤهم في تاريخ الطب وهم. .) ثم أورد خمسة من الفرس ليستمر في دراسة حياتهم. . . وإني أريد أن أناقشه اليوم على أولى دعاويه: فهل العباسيون كانوا مدفوعين من قبَل وزرائهم الفرس على أن يبنوا ببغداد مدنية عربية أحجارها من تراث مختلف الأمم السابقة إلى الحضارة والعلم قبلهم مع التسليم بتأثير ما للسنن الاجتماعية، ولكن حتى في استعراضه لهذه العامل يقول حفظه الله: (أصبحت اللغة العربية بالتدريج لغة العلم والعلماء بين المسلمين، وكان العلماء والمسلمون من كل قوم ولغة يؤلفون مؤلفاتهم بها ليستفيد منها جميع المسلمين، وبتوالي الزمن أصبحت كالنقد الرائج يتلقاها الجميع بأحسن قبول) وإذن فإن التأليف والمؤلفات العربية لا فضل للعرب فيها لأن الأقوام الأخرى اضطرها الزمن لأن تكتب بهذه اللغة، وليس النتاج العلمي المدون بلغة الضاد نتاجاً لعبقرية عربية، وإنما ذلك الزمن الساخر العابث هو الذي جعل هذه اللغة أممية عالمةي، فانجر العباقرة الأجانب

<<  <  ج:
ص:  >  >>