بدا الإسلام في شبه جزيرة العرب. . . ومنها انتشر سريعاً في مختلف أنحاء العالم فوصل إلى الصين شرقاً امتد إلى الأندلس والمحيط الأطلسي غربا. وأينما وصل الإسلام ونشأت حضارة إسلامية جديدة أخذت عناصرها من حضارة الإقليم الهرمة المحطمة ومن حضارة الدين الجديد وتعاليمه. . . ثم استقرت هذه الحضارات، كل حضارة في إقليمها الخاص بها. . . وظهرت لها بمرور الزمن مميزات خاصة. . . ولكن هذه الحضارات كانت تتصف بصفات مشتركة تجتمع فيها عند نقطة واحدة تميزها جميعاً. . . تلك هي أنها حضارات إسلامية
وفي كل بلد من هذه البلاد الإسلامية وجدت معاهد للعلم ونشأ العلماء في كل فن. . . ونبغوا. . . ورحلوا. . . ونشروا دينهم. . . وكتبوا الكتب تتحدث عن كل علم وفن. . . وتصف كل قطر عرفوه أو رحلوا إليه أو نقلوا إليه دينهم. . .
وكانت بلاد المغرب إحدى تلك الأقاليم التي انتشر فيها الإسلام وإحدى تلك الأقاليم التي نشرت الإسلام في طول الصحراء وعرضها حتى وصل إلى حدود الكمرون جنوباً وإلى شاطئ المحيط الأطلسي غرباً. . . وقد تحدث المؤرخون الإسلاميون عن هذه الجهات في كتبهم ورحلاتهم. . .
فأبو عبيد البكري الأندلسي وابن فياض الأندلسي وابن خرداذبة كلهم يتحدثون عنها وعن حدودها فيقولون:(فأول بلاد المغرب مما على ساحل البحر الرومي مدينة أنطابلس المعروفة ببرقة، وآخرها مما على ساحل البحر الأعظم مدينة طنجة، وطنجة هذه آخر بلاد المغرب المحقق وما بعدها من البلاد فإنما هو في الجنوب إلى أن يأتي بلاد الحبشة والهند. . .)