الشاعر الصديق الأستاذ علي محمود طه، أصبح في الرعيل الأول من شعراء الشرق العربي، لا من شعراء مصر فحسب؛ وأنشودته هذه أنشودة فلسطين الحبيب، همّ كل عربي منذ اليوم؛ فكل ما يتصل بها مهوى الأفئدة، وشرك العيون.
وموقف كهذا الموقف يتبوءه شاعرنا المجيد، كان جديراً أن يتقاضاه حظاً من دقته وعنايته بأنشودته في أسلوبها ومعانيها أوفى مما ظفرت به منهما.
ولعل أظهر ما أخطأته الدقة في هذه الأنشودة:
١ - وصفه (يسوع) بالشهيد؛ ويسوع في نظر المسلمين الذين منهم الشاعر ليس شهيداً.
٢ - إجابة الصدى في قوله:(يجيبون صوتاً لنا أو صدى) فالمعروف أن الصدى يجيب لا يجاب.
٣ - قراءة (استشهدا) بالبناء للفاعل؛ والذي في معاجم اللغة:(واستشهد) قتل شهيداً، بالبناء للمفعول لا غير. ولولا أن الشاعر العظيم ألقاها في المذياع - مجوداً محتفلا - بالبناء للفاعل، لنسبت الخطأ إلى غيره.
٤ - هذه (الأخت) التي أعد لها الذابحون المدى في القدس، ما هي؟ أهي فلسطين؟ ولكن فلسطين ليست في القدس، بل القدس في فلسطين؛ أم هي أخت على الحقيقة؟ ولكن إخواننا هناك - مع الأسف القاتل - لا تعد المدى لذبحهن، وإنما تذبح أعراضهن بأسلحة الخسة والنذالة والوحشية
٥ - ولا أكتم الصديق الكريم أن أحمد ويسوع صلوات الله وسلامه عليهما، أجل وأكرم على الله، وعلى الناس، من أن يقودا جيشين لمحاربة أخس خليط عرفه الوجود منذ كان الوجود؛ ولو ذكر الشاعر (السلاح الأحمر) سلاح العقارب والحشرات، لأصاب مشاكله الصواب
أما بعد، فإنما أغراني بهذه النقدات الخفيفة، حرصي على المجد الأدبي لشاعرنا الكريم المهندس.