لم يصل إلينا عن هذه اللهجات قبل القرن التاسع عشر إلا معلومات ضئيلة، بعضها مستقى من إشارات جاءت في ثنايا كتب القواعد والأدب، وبعضها من أغانيّ شعبية وردت في مقدمة ابن خلدون وتاريخه، وبعضها من كتب ألفت بلغة بين العامية والعربية الفصحى، ككتاب (ألف ليلة وليلة)
ولم يعن العلماء بدراسة هذه اللهجات دراسة جدية إلا منذ القرن التاسع عشر. وقد قسموها إلى خمس مجموعات تشتمل كل مجموعة منها على لهجات متقاربة في أصواتها ومفرداتها وأساليبها وقواعدها، ومتفقة في المؤثرات التي خضعت لها في تطورها: إحداها مجموعة اللهجات الحجازية - النجدية (وتشمل لهجات الحجاز ونجد واليمن)؛ وثانيتها مجموعة اللهجات السورية (وتشمل جميع اللهجات العربية المستخدمة في سوريا ولبنان وفلسطين وشرق الأردن)؛ وثالثتها مجموعة اللهجات العراقية (وتشمل جميع اللهجات العربية المستخدمة في بلاد العراق)؛ ورابعتها مجموعة اللهجات المصرية؛ وخامسها مجموعة اللهجات المغربية (وتشمل جميع اللهجات العربية المستخدمة في شمال أفريقيا)
وتشتمل كل مجموعة من هذه المجوعات على طائفة كبيرة من اللهجات؛ وتنقسم كل لهجة إلى عدة فروع؛ وينشعب كل فرع إلى شعب كثيرة تختلف باختلاف البلاد التي تستخدمه. وإليك مثلاً مجموعة اللهجات المصرية: فهي تنقسم إلى مئات من اللهجات، وكل لهجة من هذه اللهجات تنقسم إلى عدة فروع وشعب، تختلف باختلاف البلاد الناطقة بها؛ حتى أنك لتجد بين القريتين المتجاورتين المنتميتين إلى لهجة واحدة خلافًا واضحاً في كثير من مظاهر الصوت والمفردات والتراكيب والأساليب