كنت قلت وأنا أعرض كتاب (المنتخبات) لسعادة الأستاذ الكبير لطفي باشا السيد إن الأستاذ إسماعيل مظهر وضع كلمة (أهل) في مكان كلمة (جيل)، وهي خفية المراد، ثم قلت:(وللعبارة وجه، ولكنه لا يخرجه عن الإغراب في غير موجب للإغراب)
والآن ظهر أن ما فاتني كان فات صاحب (لسان العرب) وصاحب (القاموس المحيط) فهو إذاً إغراب في إغراب
كلمة أهل بمعنى وردت في شعر النابغة الجعدي ثم هُجِرت فماتت منذ قرون حتى فاتت صاحب اللسان وصاحب القاموس، فأين نضع الأستاذ إسماعيل مظهر هذه المرة فقط إن لم نضعه بين المغربين؟
والجيل هو الصنف من الناس، هذا حق بشهادة المعاجم، وهو كذلك دائماً في كتابات ابن خلدون، كما نص بعض المستشرقين، وهو أستاذنا ديمومبين، حين كان يحاضرنا عنه في السوربون
ولكني أنظر فأرى الجيل بمعنى الطبقة المتعاصرة من الناس قد شاع في تعابير المصريين منذ أزمان حتى قيل في الأمثال:(من عاش في غير جيله عاش غريباً)، وحتى صح للأستاذ البشبيشي أن يصف الخلاف بينه وبين ابنه حسين بأنه خلاف بين (جيل وجيل) وحتى جاء لشوقي أن يصف سلامة حجازي بأنه (كان دنيا وكان فرحة جيل)
الجيل في تعابير أهل مصر هو الطبقة من أعمار الناس، وليس الأمة من الناس، فهل نشأ ذلك الفهم من العَدَم، وللمصريين عرق أصيل في اللغة العربية؟
المنطق يوجب أن يكون تصور المصريين لمعنى الجيل قام على أساس، وهذا ما يجب النص عليه في المعجم الوسيط الذي يضعه المجمع اللغوي، قبل النص على المفهوم البائد لكلمة أهل، لأن العجم المنتظر سيكون معجما حيَّا، لا معجما تاريخيَّا، أعني أنه سينص على مدلول الكلمة في استعمالها الحيّ، قبل أن ينص على مدلولهما المطمور في مهاوي التاريخ
وخلاصة القول أن كلمة جيل أدل على ما نريد من كلمة أهل، وليس من المنفعة ولا من