كتب الأستاذ الكبير أحمد أمين في أسباب الضعف في اللغة العربية، ودعا الباحثين أن يدلوا بآرائهم في ذلك ليتبين الأمر على وجهه ونصل إلى علاج ناجع لترقيتها.
وحرص الأستاذ المصلح على ترقية اللغة العربية هو الذي دعاه إلى فتح باب البحث، ولذلك نتقبل نقده قبولاً حسناً؛ والأمر يهم مدرسي اللغة العربية، إذ أن حديث الأستاذ يمسهم في خاصة أمرهم ويرميهم بالتقصير والقصور، فهم يدفعون عن أنفسهم ذلك بأدلة الواقع المحسوس.
ولا يدعونا للدفاع عن أنفسنا عاطفة حزبية، أو رغبة طائفية، فذلك ما لا نرضاه ونميل إليه، وإنما يدفعنا إلى ذلك الرغبة في إظهار الحقيقة.
ودار العلوم التي رماها بالتقصير والتخلف لم تتوان منذ أنشئت عن أداء مهمتها، ولم تدخر وسعاً في تقويم الألسنة وتثقيف العقول في جميع مراحل التعليم.
وأية نظرة إلى منهاج المدرسة تدل دلالة بينة على مقدار صلاحية أبناء الدار في عملهم؛ فهم يدرسون اللغة العربية أدبها وقواعدها وفقهها، كما يدرسون القران الكريم، والفقه وأصوله، والفلسفة، والمنطق، والتاريخ، والجغرافيا وغيرها يدرسون تلك العلوم بتوسع على أساتذة أكفاء.
وأبناء الدار منبثون في طول البلاد وعرضها، يعلمون النشء ويقومون أخلاقهم، ويبثون في نفوسهم الوطنية الصادقة ويعودونهم البحث ويشوقونهم إلى الإطلاع.
والعلوم التي يدرسونها في مدرستهم يراها الأستاذ في حديثه الماضي ضرورية لمعلمي اللغة العربية، وهذه المواد لا تتوافر دراستها إلا في ذلك المعهد الجليل.
ودار العلوم لا تدعي الكمال، وهي دائبة في طلب الإصلاح وتعديل منهاجها كلما رأت ضرورة إلى ذلك.
يقول الأستاذ إن خريجي دار العلوم لا يفهمون الأدب القديم ولا الحديث، وهذا حكم لم تصح حيثياته التي تبرره، ومن السهل على كل إنسان أن يرمي الناس بالضعف أو الجهل،