كانت أبرز حوادث الأسبوع الماضي حادثة تسليم الجيش البلجيكي بأمر ملكه. وكانت الحادثة مفاجأة لم يتوقعها العالم، بل لم تدر قيادة جيوش فرنسا وإنجلترا من أمرها شيئاً. فهي مفاجأة لم يقل وقعها على نفوس القراء من المفاجآت الهتلرية. واختلفت الناس في تقديرها، فمن قائل إنها نوبة يأس استولت على الملك ليوبولد في ساعة فزع واضطراب أعصاب، ولا سيما بعد ما والى الجيش الألماني هجومه في الليل، فلم يخلد إلى الراحة كالمعتاد. ومن قائل إنها خيانة صريحة ارتكبها الملك بالاتفاق مع الألمان.
ومن فريق ثالث يقول: كانت خطوة متوقعه سار فيها الملك ليوبولد الثالث على مثال قرار قيادة الجيش الهولندي عندما أمرت جيوشها بوضع السلاح
وليس لنا أن تقرر الدوافع لهذه الخطوة، فعلمها كما قال المستر تشرشل رئيس الوزراء البريطانية عند الملك وحده، ولا يجدر بنا الحكم على فعلته الآن، ولكن هذه الخطوة ترينا ظاهرتين مختلفتين في أخلاق شعبين عظيمين. فبينما الشعب الفرنسي يقابلها بمرارة وغضب ظهرا في حديث المسيو رينو، قابلها الشعب البريطاني ببرود وثبات ظهر في حديث رئيس الوزارة البريطانية
والبرود والثبات في قيادة الجيوش من أكبر وسائل تحقيق النصر، فهما خلتان كبيرتان للاحتفاظ بالعقل والمنطق. وأذكر أن الجنرال فرانش قائد الجيوش البريطانية في فرنسا سنة ١٩١٤ لم يجد كلمة يمدح بها أحد قواده في أحد المعارك ابغ من أنه كان مثال البرود والسكينة في تلقي الأنباء وإصدار الأوامر
بين تسليمين
ويختلف موقف تسليم الجيوش البلجيكية الآن عن تسليم الجيوش الهولندية اختلافاً بيناً. فقد كان الجيش الهولندي يقاتل وحده ولا تحتل معه قوات الحلفاء مواقع تشد أزره أو يشد أزرها. ولم تكن المعركة حامية لم يقرر مصيرها بعد هي الحال مع جيوش الحلفاء في