للحسن بن الهيثم منزلة رفيعة في عالم العلوم الفيزيقية لا ينتقص من قدرها أنه غير معروف في الشرق بقدر ما هو معروف في الغرب بين علماء الفيزيقا الذين قدروه فكتبوا عنه وترجموا مؤلفاته وعلقوا عليها وشرحوا الغامض منها.
وهو أبو علي الحسن بن الهيثم، ولد بالبصرة عام ٣٥٥هـ (٩٦٥م) ومات بالقاهرة عام ٤٣٠هـ (١٠٣٨م) وكان قد استقدمه الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي لينظم لم مياه النيل لينتفع بها الزرع أوقات الزيادة والنقصان. وأمده الحاكم بالمال والرجال وقصد إلى أسوان وعاين النيل عندها ودرس مشروعاً كان قد أعده هو أثناء إقامته في العراق ليطبقه على حالة نيل مصر، فرأى تعذر الأمر ورجع وأعتذر إلى الخليفة بما تظاهر بقبوله ثم ولاه بعض الدواوين.
وقد ساهم الحسن بن الهيثم في الحركة العلمية في مصر إذ قام بالتدريس في الجامع الأزهر وتخرج عليه كثيرون من المصريين نذكر منهم أبا الوفاء الميشر بن فانك من أعيان أمراء مصر وأفاضل علمائهم، وقد أخذ عنه كثيراً من علوم الهيئة والعلوم الرياضية، كما كانت لابن الهيثم مساجلات ومحاضرات ومراسلات قامت بينه وبين العلماء في مصر وفي غير مصر
وقد كان الحسن بن الهيثم أحد الأساتذة الذين تكونت منهم (دار الحكمة) وهي نوع من الأكاديمية العلمية أنشأها الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي وأمدها بآلاف الكتب وأغدق عليها الهبات واختصها بعنايته. وقد كان الحسن بن الهيثم زميلا في هذه الأكاديمية العلمية لأبن يونس وعمار وعلي بن رضوان وماسويه المارديني، وكلهم من قادة الفكر في العالم الإسلامي في ذلك العصر، وكانوا من أصدقاء الحاكم وكانت لهم معه مجالس ومحاضرات
حضر الحسن بن الهيثم إلى القاهرة عام ٣٨٦هـ (٩٦٦م). وعاش فيها عيشة النسك والزهد، فقد كان في السنين الأخيرة من حياته يكتب في كل سنة اقليدس والمجسطي ويبيعهما ويقتات من ثمنهما ولم تزل هذه حاله إلى أن توفي عام ٤٣٠هـ (١٠٣٨م).