حقا - كما يقول صديقي الفاضل الأستاذ محمود الشرقاوي في عدد الرسالة الأخيرة (٣٩١) تحت عنوان (الأزهر وبعثاته العلمية) _أن الأستاذ الأكبر المراغي كان جريئا يوم أرسل بعثةفؤاد الأول إلى أوربا عام ١٩٣٥، وأن سعادة عبد السلام الشاذلي باشا كان جريئا ايضا أو أشد جرأة يوم أرسل من قبل بعثة الإمام محمد عبده سنة ١٩٣١ لأنه أرسلها في وقت كان الأزهر ممثلا في شخص شيخه السابق ضد فكرة إرسال البعوث من الأزهر إلى أوربا. ولولا لباقة الشاذلي باشا في أن أتاح لعضوي بعثة الأمام محمد عبده التشرف بمقابلة جلالة الملك الراحل، الملك فؤاد، والاستماع إلى رغباته السامية فيما يجب أن يكون عليه الأزهر لخلد ذكرى الإمام بشيء آخر غير بعثة أزهرية توفد إلى جامعات أوربا لتربط ثقافة الشرق الماضي بثقافة العصر الحاضر. وكان الشاذلي باشا جريئا، وكان الأستاذ الأكبر المراغي كذلك في إرسال هذه البعوث الأزهرية إلى أوربا، لأن ذلك منهما اعتراف بحاجة الأزهر إلى توجيه في البحث والتفكير، وفي الوقت نفسه اعتراف بجمود الثقافة الأزهرية ووقوفها عند حد معين لا تتجاوزه وهو ما وصل إليه المسلمون إلى القرن الخامس عشر تقريبا. والاعتراف بهاتين الحقيقتين في وقت يسيطر فيه على العقلية الأزهرية مبدألم يترك الأول للآخر شيئا، وتسيطر فيه كذلك فكرالكتاب في الدرس والبحث لا شك أنه يحتاج إلى جرأة وإلى جرأة كبيرة. وكان حقا أيضا أن يسأل صديقي الفاضل الشرقاوي عن إنتاجنا العلمي وأن يحاول شرحعدم إنتاجنا_إن وصل إلى ذلك_بما ذكره: إلى نرى أثركم وإنتاجنا وتجديدكم وما جعلتم في الأزهر من بيئة علمية جديدة وثقافة جديدة وحرية جديدة في البحث. سنقول إنكم لم تفيدوا شيئا مما تعلمتم ولا تميز لكم على من لم يبعث ولم يدرس في جامعات أوربا أو أنكم لا تجدون من أنفسكم شجاعة ولا قوة لكي تكونوا منتجين ولا مفيدينوهذا الذي يسأل عنه الصديق عنه كثير من إخواني ومعارفي في غير البيئات العلمية، في وزارة الخارجية؛ ولكنهم فقط لم يواجهوني بما حاول أن يجيب به الأستاذ الشرقاوي. وبالرغم من ذلك كنت أشعر أنه يتردد في نفوسهم
صحيح أننا لم ننتج بعد إنتاجا جامعيا يتمثل في تأليف يقوم البحث فيه على الأستقلال في