للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السطحيون أو الكتعاء]

للأستاذ عباس محمود العقاد

جاءني في البريد مقال مطول قال مرسله إنه نشره في بعض المجلات نقداً لكتابي عن عمرو بن العاص في سلسلة أعلام الإسلام

وخلاصة المقال بعد كلمات لا تقدم ولا تؤخر أن مؤلف عمرو بن العاص (غلب على العرض عنده أسلوب الصحافة، والاكتفاء بالاسترسال دون التحري والتحقيق، وأن مراجعه محدودة، وأن بعض أحكامه يعوزها التحري، وأن السطحية وقلة العناية بالتحقيق تبدو في مواضع غير قليلة من الكتاب) إلى آخر هذه التهم التي تتردد بتوكيد ليس بعده توكيد وثقة ليس من ورائها ثقة، واطمئنان يفوق كل اطمئنان

ولغير دليل يقال هذا كله اللهم إلا الأدلة التي من قبيل قول هذا العميق الكثير المراجع حيث يقول: (يرى القارئ الاختصاصي في تاريخ الإسلام أن المؤلف أخطأه التوفيق في مواقع، وأن مراجعه محدودة، وأن بعض أحكامه يعوزها التحري. مثال ذلك ما كتبه في تردد عمر بن الخطاب في تسيير عمر ولفتح مصر، فقد زعم المؤلف أن عمر لا يرى داعية للحرب إلا درءاً لخطر أو قصاصاً من عدوان، وهذا غير صحيح. فليس معروفاً أن فتوحات العرب كانت للدفاع أو للانتقام فقط. وإلا فأين الجهاد لإعلاء كلمة الله؟ وأين الأسباب الاقتصادية البحتة التي تتجلى في بعض ما كتبه المؤرخون العرب؟ ففي فتوح البلدان للبلاذري قالوا لما فرغ أبو بكر من أمر أهل الردة رأى توجيه الجيوش إلى الشام فكتب إلى مكة والطائف واليمن وجميع العرب بنجد والحجاز يستفزهم للجهاد ويرغبهم فيه وفي غنائم الروم فسارع الناس إليه من بين محتسب وطامع وأتوا المدينة من كل أوب. . .)

فالعلامة العميق، الكثير المراجع، قد حسب أنه وقع على المراجع التي لم يقع أحد عليها لأنه قرأ في فتوح البلدان ذلك الكلام، وقد حسب أن أحداً من الناس لا يعلم أن أبا بكر استنفر المسلمين للجهاد بغير هذا المرجع الفريد الوحيد البعيد عن كل قارئ مستفيد

ونحن أيضاً قد فاتنا هذا كما فات كل قارئ مستفيد

فاتنا أن نعلم أن أبا بكر استنفر المسلمين للجهاد ونحن نؤلف كتاباً في تاريخ محمد عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>