(أدباء مصر الجنوبية - العقاد الحقود! - أين متحف وزارة
المعارف؟ - جريمة الكتمان في نظر الجنية الحسناء).
أدباء مصر الجنوبية
مصر الجنوبية هي السودان، وهو تعبير جميل، ويزيده جمالاً أنه لم يصدر أول مرة إلا عن أدباء تلك البلاد.
والحق أننا فرطنا في حق السودان كل التفريط من الوجهة الأدبية، وإن لم نغفُل من الوجهة السياسية. ولو أننا بذلنا في خدمة السودان أدبياً معشار ما بذلنا في خدمته سياسياً لوصلنا إلى نتائج باهرة في توحيد القلوب بين من يقيمون هنا ومن يقيمون هناك، ولكننا تركنا أمر السودان للساسة، والساسة عندنا لا يفكرون كثيراً في الوسائل التي تجعل تعاطف سكان وادي النيل أمراً طبيعياً لا يحتاج إلى تعب أو نضال.
ومن العجيب أن يفكر السودان فينا قبل أن نفكر فيه، فهو يهتم بأخبارنا، ويساير حياتنا الأدبية والاجتماعية والسياسية، ويرى من الواجب أن يتعرف إلينا في كل وقت، فأين نحن من هذه الشمائل الروائع؟
أين الباحث الذي فكر في قضاء شهر أو شهرين في السودان لدرس ما هنالك من تطور الآداب والفنون والأذواق؟
أين الشاعر الذي رأى من واجبه نحو وطنه أن يستلهم الوحي من منابع النيل؟
أين المؤلف الذي خاطر بجزء من وقته وماله ليخرج كتاباً عن السودان، وهو اليوم في يقظة أدبية تستحق التسجيل؟ (مع عرفان الفضل للباحثين داود بركات وعبد الله حسين).
ولنفرض جدلاً أن السودان لا يرتبط بمصر من الوجهة القومية أو السياسية، فيكف يغيب عنا أن السودان قطر أصيل في العروبة، وأن أهله من النماذج الجميلة لأدب النفس وشرف الوجدان، ومَن كانوا كذلك فهم جديرون بعناية الباحثين والمفكرين من كتاب وشعراء!
الفطرة السليمة لا تزال من حظ أهل السودان. ولو أن معالي الدكتور هيكل باشا كان أقام