للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له

مكانه بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود الخفيف

ولقد ارتخص هؤلاء الساسة من دعاة المدنية الناقمين على أهل الشرق ما كانوا فيه من تأخر، كل كرامة بغية الوصول إلى أغراضهم، وانقلبت عندهم الأوضاع التي تعارف الناس عليها، وشهد التاريخ على مسرح السياسة من المضحكات ما يبكي، ومن المبكيات ما يضحك؛ فلقد عز على هؤلاء السادة الذين راحوا يُدِلون بمدنيتهم ويتطاولون بما فعلوا في سبيل الحرية الإنسان أن يروا أهل مصر ينزعون حقاً من الحرية، ويعملون على الرقي بوطنهم جادين غير متوانين، يتعاونون على الحق ويتناسون ما بينهم من دواعي الخلاف، ويطرحون الأثرة بل ويحرمون على أنفسهم الطيبات حتى يتم لهم ما أرادوا

وذعر هؤلاء الكائدون لمصر الطامعون فيها أن أفاق أهلها على هذا النحو وقد كانوا يظنونهم أمواتاً أو كالأموات، وهالهم أن يروا فريقاً من هؤلاء الفلاحين يستلبون سلطة الخديو تدريجياً ويحاولون أن يضعوا أنفسهم بحيث تكون الأمة وهم نائبون عنها مصدر كل سلطان، وأدركوا أن هذا البعث الذي أفاقت عليه مصر من نومها الطويل هو الصبح الذي يهتك أسدا لهم ويبدد آمالهم، فما ونوا يوماً كما بينا عن محاربة مصر وزعماء مصر ورميهم بكل فاحشة، وفي مقدمة هؤلاء جميعاً ذلك الرجل الذي خطا نحو الحرية الخطوة الأولى وصرخ في وجه الظلم الصرخة الأولى. . .

ولم ير هؤلاء لوزارة البارودي حسنة واحدة. وكيف كانوا يرون لها حسنة ووجودها في الحكم كان ذاته عندهم أقبح السيئات وأكبر الأوزار، وإنهم ليفترون الكذب عليها وينسبون إليها من السيئات والأخطاء ما ليس لها به من علم

ولكن هذه الوزارة - وتلك عندي أكبر حسناتها - كانت لا تعبأ بما يرجف المبطلون فتمشي إلى غايتها على الشوك وقد عقد أعضاؤها النية على إنقاذ بلادهم من طمع الطامعين وكيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>