الكائدين، وعلى تعهدها بضروب الإصلاح في شتى مرافقها حتى تقوى فتعز على كل باغ ظلوم من خصومها
وما كان في الوزارة من عوامل الضعف سوى جهل رئيسها وأعضائها باللغات الأوربية، إلا وزير الخارجية مصطفى فهمي باشا؛ ولقد ضم إلى الوزارة ليكون لسانها في الصلة بالأوربيين، ولكنه كان من رجال العهد القديم على حد تعبير مؤرخي الثورة الفرنسية، فلم يكن ينظر إلى الوطنيين نظرة الاحترام والتقدير، وإنما كان يرى فيهم فريقاً من الفلاحين يتطلعون إلى ما ليسوا أهلاً له، شأنه في ذلك شأن الجراكسة وأشباههم من سادات مصر وكبرائها في ذلك العهد. وعلى ذلك فقد كان وجود هذا الرجل في وزارة الخارجية عبئاً يضاف إلى أعباء الوزارة، وذلك أمر لم تفطن إليه إلا بعد فوات الوقت
وفيما عدا ذلك كانت وزارة البارودي وزارة وطنية حقاً تعمل صادقة مؤمنة على تحقيق آمال البلاد والنهوض بها على الرغم مما كان يحيط بها من دسائس وما كان يملأ أسماع رجالها من نباح وعواء
انتهى دور انعقاد مجلس النواب في ٢٦ مارس فقضى بذلك في العمل نحو ثلاثة، أشهر وهي مدة وجيزة كان يشغل بال الأعضاء فيها ترتيب أعمالهم، ولكن المجلس على الرغم من ذلك قسم أعضاءه إلى لجان مختلفة أخذت تتصل بالوزارات وتبحث معها الشؤون العامة التي تهم البلاد، وجدَّ المجلس في دراسة نصوص المعاهدات والمعاقدات العامة والخاصة المبرمة بين الحكومة المصرية والحكومات الأجنبية ورعاياها
وأخذت الوزارات تعد مشروعات الإصلاح المختلفة لعرضها على المجلس في دور انعقاده القادم؛ فكانت تنظر فيما يتطلبه التعليم وتفكر في إنشاء مصرف زراعي ينتشل الفلاحين من وهدتهم، وتعمل على إصلاح المحاكم المختلطة واختصاصاتها كما تناولت قانون الانتخاب وراحت تدرسه لتعد قانوناً جديداً يجعل للمحكومين الرقابة الفعلية على الحاكمين
ولكن حدث أنه كانت كلما تقدمت وزارة في خطى إصلاحاتها ازدادت لهجة الصحف الأوروبية في العيب عليها والطعن فيها، واشتدت وطأة الساسة في نقد أعمالها، وتزايدت دسائسهم من حولها، وعلى رأس هؤلاء كلفن ومالت اللذان أدركا الآن، أو على الأصح وجَها، إلى أن مهمتهما في مصر أصبحت استعجال الحوادث تمهيداً للتدخل العسكري