للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الإغماء!. . .

أقصوصة مصرية

(مهداة إلى الأستاذ محمود بك تيمور)

بقلم الأستاذ خليل شيبوب

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

زارتني سلمى مرة في مكتبي وطلبت مني أن أصطحبها إلى مكتب زوجها، ففعلت، ولما كنا في الشارع، علَّقت يمناها بيسراي كأن ذلك طبيعي بيننا، ولم يظهر على وجهها أي استغراب لما فعلته، وصارت إذا جزنا عرض الشارع من رصيف إلى رصيف احتمت بي من السيارات المسرعة، وشدت بذراعها على ذراعي في حركة عصبية عنيفة.

وصرت أفكر طويلاً، هل بدر مني شيء يدل على رغبتي في استدراجها إلي، لأن سلوكها معي لم يعد يحتمل الشك في رغبتها في استدراجي إليها؟ ووقفت حائراً بين أن أفقد صديقين أحبهما حب الإخلاص الصحيح، وبين أن أخون صديقاً ألفته منذ الصبا وأحول صداقة فتاة عرفتها متدارية بثياب والدتها ووالدتي، إلى حب لا أقدر مداه ولا نتيجته.

وكانت كل هذه الأمور تجري وسلمى لم تحرك شفتها مرة واحدة بكلمة ملتوية، ولا تنهدت مرة واحدة في وجهي، ولا لمست مرة واحدة يدي لمسة تحتمل تفسيراً أو تأويلاً. ولكن سرعان ما زحمتني الحوادث وبعدت بي عن تلك الحياة الطيبة التي أذكرها اليوم والأسى يملأ صدري، والدمع يكاد يتفجر من مقلتي.

أجل خاطبتني سلمى بالتليفون تقول: ألا تشرب الشاي معنا اليوم فإني بانتظارك في الساعة الخامسة تماماً لعلنا نخرج في السادسة والنصف إلى السينما.

وإني اليوم بعد طول العهد لا أزال أراني نازلاً من العربة أما باب الحديقة سائراً في الممشى القصير إلى باب المنزل أقرعه قرعة تعرفها الخادمة فتخف إلى الباب تفتحه وأدخل إلى القاعة التي ألفت كل أثاث من مفروشاتها. فهذه مقاعدها المذهبة وحريرها

<<  <  ج:
ص:  >  >>