للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[واحة سيوة]

للأستاذ صبري حسن علوان

كانت الساعة السادسة صباحاً حين أخذنا عدتنا في (مرسى مطروح) مولين وجوهنا شطر سيوة؛ تلك الجنة المخصبة وسط الصحراء المجدبة، وكلنا أمل أن ندركها قبل أن نبيت ليلة أو أكثر في جوف الصحراء الغربية. ذلك إن الرمال قد جادها الغيث الهتون وقد احتفلت نواحيه، وأسفت أعجازه وهواديه، فشربت الصحراء بعد عطش، وامتلأت الآبار بعد خواء، وكونت التلاع الحادرة بحيرات كبيرة في المجتمع المنبسط الذي يصلح كطريق للسيارات!

وسرنا باسم الله، ونحن على وجل من أن يغوص أحد إطارات السيارة في الرمال الدقيقة المشبعة بماء المطر فتضطرنا الأحوال أن نبيت في العراء كما فعل قوم من قبلنا ظلوا في الطريق سبع عشرة ساعة. والمسافة بين (مرسى مطروح) وبين (واحة سيوة) ثلاثمائة كيلو متراً، وما يتبقى فليس له معالم متميزة فهو يختلط إلا على السائق الماهر الذي جاب الطريق اكثر من مرة، هذا عمداً يلاقيه المسافر من صعوبات جمة لكثرة المرتفعات والمنخفضات في عرض الصحراء التي تجعل المسافر بالسيارة لا يستقر على حال، مرة إلى أعلى وثانية يقع على جنبه الأيمن وأخرى يميل إلى يساره، وهو في ذلك يجد من الرهق مالا يحسه إلا المسافرون. إن السيارة تقطع المسافة الممهدة في ساعتين وتقطع الباقي في عشر ساعات. هنا يطيب أن نسأل لماذا لا تنشط الحكومة في تمهيد هذا الطريق الهام فتتمه في سنة أو سنتين أو ثلاث يدلاً من أن تمهد كل عام ثمانية كيلو مترات فقط، أي إنها تريد إن تتمه بعد اكثر من عشرين عاماً. . إن شاء الله!

إن واحة سيوة جزء من مصر؛ بل هي من الأجزاء المهمة من مصر كما سنرى، أم تريد اهل هذه الواحة أن يظلوا على اعتقادهم إنهم (سيوبون) قبل أن يكونوا (مصريين). أن رصف الطريق إلى سيوة هو من أول الواجبات التي يجب على الحكومة والتي يتحتم عليها الإسراع في أدائها.

وبعد ثلاثة عشر ساعة لاقينا فيها من المصاعب ما لاقينا وصلنا إلى سيوة، وبتنا ليلتنا أصبحنا فوجدناها جنة خضراء يرتفع في جوها النخيل نشوان، ويسكن في جنباتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>