للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[دماء الشهداء]

شهيدان في كفن

للأستاذ عمر عودة الخطيب

(في تاريخنا الزاهر، دماء زكية خالدة، خطت آيته الكبرى،

ورسمت حدود عالم إسلامي واسع)

ع

- ١ -

قال (عمرو بن الجموح) لصديقه الوفي الحميم (عبد الله بن عمرو): -

- هل أتاك يا عبد الله حديث النبي الذي ظهر في مكة. . وأقبل عليه الناس من كل فج، يجتمعون إليه، ويؤمنون به، ويعاهدونه على أن ينصروه ويؤازروه، ويمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم؟

- أجل: لقد وفد على (يثرب) منذ أيام رجل من هؤلاء ما سمعت بمثل حديثه وما رأيت أكثر جرأة منه. . كنت اجلس إلى جواره، وكان المجلس حافلا. . وقد اجتمع الناس ليعلموا نبأ هذا النبي الذي سفه آراء قومه، وعاب آلهتهم، ثم لما عارضوه وآذوه، وقف في وجههم صابراَ ثابتا. . لا تهده النكبات، ولا تثنيه الأزمات. .

قال الرجل: إني رسول (محمد) إليكم، محمد رسول الله الذي بعثه الله بالهدى ودين الحق، وهو يدعوكم إلى عبادة الله وحده، ونبذ هذه الأصنام التي تنحتونها بأيديكم، ثم تعكفون عليها، وتقدمون القرابين لها، وتهملون عقولكم أمامها، إن لهذا الكون خالقا مديرا حكيما، بيده مقاليد الأرض والسماء. . وهو الذي يقول لكم (وفي أنفسكم أفلا تبصرون. .)

قال (عمرو بن الجموح) وقد ثارت حفيظته عندما سمع حديث ذلك الرجل:

- ماذا قلت له (يا عبد الله)؟! وماذا قال له الناس؟! أحسبكم ضربتم عنقه، وأعدتموه إلى من أوفده، ليكف عن غزو (يثرب) بمثل هذه الأفكار، فنحن هنا إلى جوار (اليهود)، ولو كنا متخذين غير ديننا، لكان دين (يهود) أقرب إلينا. قال عبد الله:

<<  <  ج:
ص:  >  >>