للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الداء والدواء]

للدكتور فضلو حيدر

محاضرة ألقاها في منتدى البردوني

بقية ما نشر في العدد الماضي

الشعب المزمن

كلنا نعلم أن العلم ضروري للحياة ونافه للجسد إذا لم يتعد حدود القوى الجسدية والعقلية والنفسانية. وكل تعب اعتيادي يجب أن يزول بعد راحة قصيرة وينبدل برغبة إلى العمل ثانية. ولذلك يحتاج العامل إلى الراحة. والنوم لا يكفي وحده لإعادة الراحة التامة؛ بل يحتاج الإنسان علاوة عليه إلى ما ندعوه التسلية والاستجمام. والتسلية تشمل كل الأفعال التي نصرف بها وقت الفراغ بلذة تؤدي غالبا إلى توازن العواطف وإزالة التعب الجسدي والضغط النفساني. فوقت التسلية ليس وقت (الفراغ) بل هو ثمين جدا فسويعاته تطيل العمر وتجدد القوى. أما إذا أسئ استعمالها فتنعكس الآية فتزهق القوى وتقصر العمر. ومن السبل المفيدة للاستجمام نذكر الرياضة الجسدية والمطالعة النافعة والموسيقى والرقص والفنون وتربية الحيوانات وغرس الجنائن والصيد وغيرها. وكم من المشاهير خلدوا اسمهم بأعمال كانت لهم نوعا من التسلية.

ومن أعراض التعب المزمن تهيج الأعصاب وقلة الشهية ونقص رغبة العمل بالرغم من الراحة الاعتيادية، فينهض المرء صباحا بدون نشاط. فالمتعب حاد المزاج، ضعيف المناعة للأمراض، يعيش تاعسا ويسئ إلى عيلته ورفاقه، شاذ السلوك، غير مرغوب به في الأعمال والمجتمعات.

ومن مسببات التعب المزمن الاحتكاكات النفسانية كالتردد في الرأي وعدم الثقة بالنفس وبالغير؛ فيستنزف المرء قواه في عراك داخلي بين الإقدام والإحجام وخوف الفشل. ومن أسباب ضعف الثقة بالنفس الجهل وإحجام الفرد عن بحث أعماله بأمانة كي يعلم أسباب الفشل والنجاح. ولو بحث المرء نتائج أعماله لبدل جهله بالمعرفة وخوفه بالثقة. كذلك إذا ساد الحسد والغضب ووخز الضمير والطمع وكثرة الطموح في سلوك الإنسان؛ ساد التعب

<<  <  ج:
ص:  >  >>