للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

زوجة الشيطان

للفيلسوف السياسي - نيفولا مكيافيلي - الإيطالي

للأستاذ عبد الموجود عبد الحافظ

أعتاد نزلاء جهنم من الأبالسة أن يسمعوا من نزلائها من الرجال أن سبب شقائهم وتعاستهم معصيتهم التي جلبت عليهم غضب الله، فسلكهم في سقر، يرجع إلى غلطة كبرى ارتكبوها في حياتهم الدنيا، وهي أنهم تزوجوا وأحسنوا الظن بالنساء.

فاجتمع الأبالسة يوما بملكهم (بلتو) وتشاوروا في مصدر هذه الشكوى وهل الرجال صادقون في قولهم أم هم متجنون على النساء إذ لا يعقل أن تكون المرأة ذلك المخلوق الضعيف الذي أختصه الله بالرقة واللطف ومنحه الحنان والعطف وزوده بصفات الشفقة والرحمة، ووهبه الكثير من الجمال سبب كل هذه المصائب والشرور التي حلت بهؤلاء الرجال وغيرهم ممن سيفدون عليهم. وبعد مناقشات طويلة، قر الرأي على إرسال واحد منهم إلى أرض البشر، ينتحل صورة شاب وسيم ويتزوج من واحدة من بنات حواء، ويقيم معها على الأرض عشر سنوات، يعود بعدها إلى مقره في سقر ليذكر لزملائه الحقيقة بغير محاباة ولا تجن على ذلك المخلوق كسير الجناح ضعيف القوى.

فوقع الاختيار على الشيطان (تلفاغور) أحد المردة العتاة، فأرسل إلى أرض البشر بعد أن زود بقوة الشيطان وخبثه ورجسه وفسوقه، وقد حمل معه مائة ألف جنيه من الذهب، فلما نزل إلى الأرض، ظهر في صورة شاب له من العمر ثلاثون سنة وسمى نفسه (رودر بجو كاستيجليا) نجل أحد الأمراء الأسبان وأسمى الثروة عظيمي المكانة وقد تربى تربية عالية وتلقى من الثقافة الشيء الكثير.

ظهر في مدينة (فلورنسا) ليبحث فيها عن زوجة صالحة تشاركه المدة التي كتب عليه أن يقضيها على الأرض، فأتخذ مقامه في أرقى أحياء المدينة وأحاط نفسه بمظاهر العظمة والثراء، فأتخذ الخيل المطهمة والعربات الفارهة وأحاط نفسه بحاشية كبيرة من الخدم والأتباع، وهو ينفق عن سعة وسخاء عجيبين في إقامة الولائم والحفلات فلم يلبث غير

<<  <  ج:
ص:  >  >>