بين بتاح في عهد أحمس بطل استقلال مصر وعبد الجليل أحد
متطوعي القرش.
- ألو! ألو! من أنت؟
- أنا بتاح ومن أنت؟
- أنا عبد الجليل
- في أي مدينة تكون وما جنسيتك.
- أنا في البدرشين، أنا حيث تمثال رمسيس العظيم ملك مصر الفاتح، أنا في منف. . . العاصمة العظيمة التي امتلأت في عهدكم بالحكماء والقضاة ورجال العلم والفن فأين أنت؟
- أنا في نفس المدينة لكن يخيل إلى أن زمن ما يفصلنا. أنه يشبه الجبال العالية والصحارى المديدة الفسيحة. فأية أعجوبة هذه التي جعلت الأرواح تعبر الأزمان لقد أثار إعجابنا عجلاتنا التي تطوي الأرض طياً ولكن ها هو ذا شيء عجيب آخر يطوي الزمن لكن ماذا تفعل في منف.
- أنا أعمل عملا جليلا. لو استطعت أن تمد يدك وراء الأجيال إلى يدي لشعرت بالدم يجري فيها حاراً ملتهباً إن الفرح الذي يملأ نفسي لتتضاءل أمامه كنوز العالم ومفاخره.
- أن الذي تقوله عجيب. . . فأنت تصف ما أحس به تماما. فأني أنتفض سعادة وأني لأشعر أن الدنيا تصغر في عيني أمام هذا المبدأ العظيم الذي تخرج مصر لتحققه. فهل أنتم تفعلون ما فعلناه نحن منذ قرون. ماذا تفعل في منف؟
- أني هنا اجمع القرش
- تجمعون القرش؟ ماذا تعني
- أعني أننا نجمع من كل مصري شيئا يتبرع به. شيئا تافها من ثروته. فإذا جمعنا هذه الثروات الضئيلة جمعنا ثروة ضخمة - وماذا تفعلون بهذه الثروة الضخمة؟ لست أفهمك فلعل الاتصال الذي بني وبينك قد اضطرب، فان عقلي لا يستطيع أن يدرك من الذي يجمع هذه الثروات الصغيرة ولمن يجمعها - ثم لماذا. آه، لعلكم تخشون المجاعة فتجمعون اليوم ما يقيكم شرها غداً وليس هذا شيئا عجيبا. لا يا صديقي لسنا نجمع هذه الثروات الصغيرة