عبارة (فرحة الأديب بالأديب) تعد من مبتكرات ابن الرومي من حيث الصورة والمعنى، برغم كثرة النظائر والأشباه في تصوير هذا الخاطر الطريف. ومع أن أدباء هذا الزمان لا يفرح بعضهم بلقاء بعض إلا في أندر الأحيان، فأنا أفرح من أعماق القلب حين يصل إلى سمعي أن أحد الأدباء بسم له الدهر بعد عبوس، وقد أطيل الشكر لله حين يظهر كتاب يشرف أحد الباحثين، كالذي صنعت حين ظهر كتاب (عيد الأزهر الألفي) للأستاذ محمد عبد الله عنان، وكالذي سأصنع كلما ظهر كتاب جيد، ولو كان مؤلفه من ألد خصومي، فقد قضيت أعواماً وأعواماً في الحديث عن الحب إلى أن فاض القلب وامتلأ فلم يبق فيه لناثرة الحقد مكان
ولكن ما سبب هذه الخاطرة الوجدانية؟
كان ذلك بعد قراءة مقال في مجلة الجمهور البيروتية، مجلة الأستاذ (ميشال أبو شهلا) وهو أديب مر بمصر مرة فرأى الأستاذ الزيات أن يكرمني بمعرفته في مسامرة أدبية، وكان الزيات يقيم بالقاهرة (في ذلك الزمان) وكانت أسمارنا لا تنقطع، فقد كنا نتلاقى روحاً إلى روح في كل مساء عن طريق الهتاف، وإن لم نتلاق وجهاً إلى وجه إلا لحظة واحدة في كل شهرين
متى يرجع الزيات إلى القاهرة؟ متى يرجع؟
المقال الذي أنار هذه الخاطرة الوجدانية هو مقال نشره الأستاذ (إلياس أبو شبكة) وهو أديب تحرش بي عدة مرات ولم أغضب عليه لأنه حقاً أديب، والأديب الحق مغفور الذنوب
وما أثارني هذا المقال إلا بفضل ما فيه من الدلالة علي حيوية الأريحية العربية في الديار