للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الفلم المصري]

بمناسبة فلم دموع الحب

للأستاذ محمد فريد أبو حديد

لا يسع المصري إلا أن يغتبط أعظم الاغتباط عندما يرى تلك الأفلام المصرية الجديدة التي أقدم أبناء مصر على إخراجها بين حين وحين؛ ولا شك في أنها فتح جديد يجب أن نفخر به، ونحرص على المزيد منه؛ وإذا كان الجمهور المصري قد أقبل على رؤيتها ذلك الإقبال الباهر فان في ذلك دليلاً قوياً على مقدار تطلعه إلى أن يرى تلك الصناعة تنمو وتنجح. فالشعب يؤدي واجبه في تشجيع أبنائه من أهل الفن ويجيب مجهود المقدمين منهم إجابة كريمة مستنيرة.

والفلم المصري له مكان لا يستطيع فلم آخر أن يحل محله. فانه يشبع من عواطف المصريين مالا يشبعه خير الأفلام العالمية الأخرى، وذلك أثر من آثار النهضة المباركة التي نحسها في كل ناحية من النواحي. فالشعب المصري يحس بنفسه ويريد أن يرى تلك النفس مصورة أمامه تصويراً فنياً كما يحتاج الإنسان إلى أن ينظر في مرآة ليرى صورة وجهه أو هندامه، وكما يرتاح إلى أن يسمع ترديد آماله ونزعات نفسه ومُثُله العليا.

فكل فلم من تلك الأفلام حديث نفسي يتحدث به الفنان إلى بني قومه. فهي ليست قطعة من الفن فحسب. بل هي رسالة عاطفية يرسلها الفنان من نفسه إلى نفوس الجماهير المتعطشة إلى الحياة والعلو والقوة. ولهذا فنحن إذا ذهبنا لإجابة الداعي إلى فلم مصري كانت إجابتنا أولاً قومية وثانياًفنية.

ومن هذا الاعتبار لا يسع المصري أن يقارن أو يوازن بين الأفلام المصرية، وبين ما تخرجه الشركات العالمية من آيات الفن. لأن الأفلام العالمية إنما تؤدي رسالة واحدة وتشبع ناحية واحدة هي رسالة الفن المحض والناحية الأدبية الصرف، ومنهما كانت تلك الناحية الفنية فهي في المحل الثاني من نفوسنا، ولا يمكن بأي حال أن تحل المحل الأول الذي استولت عليه الآمال والأماني، والرغبة القوية في الحياة، والسمو والاعتزاز بالنفس.

غير أنا نطلب من النفس المصرية أكثر مما تستطيع بذله إذا نحن وقفنا عند حد الأماني القومية؛ بل أن تلك الأماني نفسها قد تخيب ولا تجد ما يستثيرها، أو يعبر عنها إذا لم تتقدم

<<  <  ج:
ص:  >  >>