للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الغازي مصطفى كمال]

بحث وتحليل للدوافع النفسية التي دفعته إلى الزعامة

للأستاذ أحمد رمزي بك

(إن من السهل على المرء أن يعمل من أن يفكر، وإذا فكر

فمن اصعب الأمور أن يجعل عمله خاضعا دائما إلى ما

واصله إليه فكره).

جوته

عند اقتراب نهاية هذا العام يكون قد مضى على وفاة مصطفى كمال ثمانية أعوام، خرج منها العالم من حرب عالمية طاحنة؛ وتمخض فيها بالتغييرات والانقلابات الكثيرة. وكلما مرت الأيام تمثلت إلي شخصية الغازي كأنموذج لكلمة جوتة الخالدة: إذ هو من الأفراد القلائل في الشرق الذين عملوا بعد تفكير طويل، وأخضعوا أعمالهم لفكرتهم الأولى، ولما لازمهم التوفيق في جهادهم، لم تسكرهم نشوة الظفر ولا شغلتهم مظاهر السلطان عن فكرتهم التي بدءوا منها واخذوا بها، ولذلك جاءت حياتهم العامة صورة لما انطبع في أذهانهم من أفكار وآمال كبار.

إن الزعيم المجاهد والجندي المنتصر قد أصبح الآن في ذمة التاريخ؛ ولن يضيرنا اليوم أن نعرض لشيء من حياته وأعماله وخدماته، فلو كان حيا يرزق لقيل لنا إننا نتملقه أو نتملق بلاده وشعبه ولا تخذ بعض الناس ذلك للقيل والقال، أما وقد خفت ذلك الصوت الهادئ النبرات الذي كنت تسمع له رنينا عندما كان يخطب بالمجلس الوطني الكبير بأنقرة، وأغمضت العينان اللتان كانتا تشعان نورا وبريقا، فقد اصبح في وسعنا أن نقول ما نعتقد وان نكشف الستار عما نعلم وليست لنا غاية سوى إرضاء الحق.

بين ٢٥ إبريل و٩ ديسمبر ١٩١٥ كانت حملة الدردنيل حيث دارت رحى الحرب على روابي شبه جزيرة غاليولي، وكانت معاركها محط أنظار العالم إذ كانت سلسلة من التجارب للقيادة التركية بل كانت أكبر من ذلك للجندي المقاتل. كانت له مدرسة قاسية

<<  <  ج:
ص:  >  >>