[هانيبال يرثي أخاه]
للأستاذ فخري أبو السعود
بينما كان هانيبال في جنوب إيطاليا غازياً سار إليه أخوه بمدد فقابله الرومان في الشمال فقتلوه، وبعثوا برأسه إلى أخيه
رويد الليالي قد خَضَدْنَ قناتي ... ويا طالما استعصت على الغمزات
سلام على عهد العظائم والعلا ... وتلك الفتوح الغُر والغزوات
وأيام ألهو بالمدائن زاحفا ... وأهزأ بالأوعار والفلوات
لِيَهْن بني روما صعود نجومهم ... فَنَجْمِيَ هاوٍ حالك الظلمات
اتانِيَ منهم جحفل بعد جحفل ... فمزقتهم في خالد الوقعات
وشردتهم عن معقل إثر معقل ... وروَّيت من قوادهم أسَلاَتي
وبات حماهم مستراد فوارسى ... ومعهد لذاتي ومُرْ تَبَعاتي
فَثَّلوُّا أكاليلى وحلوا عزائمي ... بمصرع نَدْبٍ خائض الغمرات
طلوُبِ عظيمات زعيم كتائب ... ركوب مشقات قريع كماة
رضى السجايا ثابت الجأش باسل ... كريم المحيا ناضر القسمات
فهل علموا لادرَّ درُّ أبيهمُ ... بأي صفات أوقَعُوا وسِمات؟
أذَلوا أجلَّ الهام غرد أو عفرَّوا ... بساقي تراب أشراف الجبهات
فأصبح من بعد الأمارة جسمه ... أنيس ذئاب أو سمير بُزاة
وأدْلوّا بهذا الرأس فهو مُخَبِّري ... بتصويح مجدي وانطواء حياتي
أخَيَّ جَنىَ ظلما عليك تجبري ... وُغلوّاهُ أطماعي ولؤم عداتي
فداؤك أعضائي، لقد كنت ساعدي ... فبان، فقلبي دائم الحسرات
وكنت أليفي مذ شببنا وصاحبي ... وكنت خدين اللهو والصبوات
وكانت تهاب الأُسد بأسك قانصا ... وترمي مصيبا أبعد الفلوات
وكنت مبائي إن ألمَّتْ ملمة ... ومرجع أسراري وكهف شكاتي
وكنت ظهيري في مُغار وملحم ... ويوم طرادٍ هائج الهبَوات
وكنت ملاذ الروح واللب والنهى ... وكنت سراج الرأي في الشبهات