لا تستغل نهضة المرأة ما لم توجّه إلى تكوين المرأة الصالحة لتثمر بطبيعتها خيراً، إذ من العبث أن تجني الخير نهضة مضللة.
لا ينهض بالشرق إلا حضارة شرقية تستمد نظمها من المبادئ الأدبية العليا التي أنزلت وحياً على رسله وأنبيائه، وإلهاماً على فلاسفته وشعرائه.
فإذا ما أردنا تحديد موقف المرأة في المجتمع ونحن نستنير بهذه المبادئ يمتنع علينا أن نسلم لها بحالة تكون فيها قوامة على نفسها مستقلة بحياتها، لأن الحضارة الشرقية التي نتجه بحوافزنا إليها لا مقام فيها لامرأة لا مرجع لها ولا قوام عليها؛ وما المرأة المنسلخة عن سيطرة رجل يكفلها المتصلة بالمجتمع اتصالاً مباشراً إلا بدعة في الإنسانية أوجدتها أنانية الرجل في الغرب لشقائه وشقائها على السواء.
إن التشريع الأول الذي أيده جميع الأنبياء والمرسلين قد أورد الوضع الصحيح للأسرة الإنسانية بقوله للرجل:
(بعرق جبينك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها) وبقوله للمرأة: (بالأوجاع تلدين وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك).
فالمرأة إذن موقوفة على حياة الاشتياق بحسب تعبير الكتاب وعلى تأمين النسل الصحيح، فكل استثمار لها في أية دائرة أخرى من دوائر الحياة المادية، إنما هو خرق للناموس وجناية على العاطفة والأنسال.
إن لم تكن المرأة زوجة وأماً، فهي مرتكبة جناية أو هي ضحية جناية. وأشد شقاء من هذه السائبة، وأوفر ضراً بالمجتمع، الزوجة المسلوبة الخيار، والأم المكرهة على التوليد.
إن في اشتياق المرأة وخضوعها بهذا الاشتياق نفسه لرجلها سر اعتلاء الأمم وانحطاطها، وما جهل شعب في التاريخ أهمية الانتخاب الطبيعي، فتسلط رجاله على نسائه بشهواتهم لا بشوقهن دون أن تصبح المرأة في ذلك الشعب أَمَة تورث مذلتها بنيها فيتشربون العبودية في فطرتهم قبل أن يبصروا النور.
إن أولى الخطوات التي تقود الشعوب إلى التدهور إنما هي تجاهل أهمية المرأة، لا من