للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأزهر في مفترق الطرق]

للأستاذ احمد الشرباصي

من شرائط الوصول إلى الحق، والتوفيق لكلمة الصدق، القصد في النقد، والاعتدال عن الحكم، والنزاهة في الرأي، والنأي عن الاستجابة لعاطفة قوية أو غي جامح! وكم من حقوق ضاعت بين الهوى المفرط والبغض المفرط؛ وكم من صيحات إخلاص بعضها مخلص ضاعت فلم يستجيب لها أهلها بسبب ما اكتنفها من شدة أو إسراف!. .

لقد فسحت (الرسالة) الزهراء صدرها الرحيب للأقلام الناشئة والقديمة على السواء لكي تصولوتجول في الحديث عن الأزهر والأزهريين، واشترك في هذا الميدان الأزهري الشاب والأزهري العجوز والأزهري الوسط؛ وتلك عناية مشكورة تبديها الرسالة الغراء بالأزهر، أو بمعنى أدق تعيدها، فليست الرسالة بجديدة العهد والصلة بالأزهر، فمنذ سنوات وسنوات وهي تهتبل الفرص والمناسبات لتذكر بخير أو تدعو الأزهريين إلى معروف، فشكر الله لها، وجزاها خير كفاء ما قدمت وتقدم.

لكني لاحظت على كثير ممن كتبوا أنهم غضبوا لنقص موجود أو عيب أو حق مضيع، فشرعوا رماحهم المسنونة، بدل أن يشرعوا أقلامهم الرفيقة الرقيقة؛ فشنوها حربا قاسية على الأزهر. والأسلوب إن حمدناه عند دواعي اليأس والرغبة في إثارة الهمم واستنهاض العزائم، فلن نحمده حين يكون المقام مقام بحث عن حقيقة، ووصول إلى فكرة، وتحديد لهدف، واتفاق على وجهة إصلاح!. . وكيف يتأتى ذلك والأقلام المشبوبة قد صورت أن الأزهر قد خلا من معناه، ومن رجاله الجدراء به، ومن الكتاب الصالح فيه، ومن المدرس الصالح له، ومن الطالب المعتز به، و. . . ماذا بقي بعد هذا من الأزهر المسكين حتى يحكم عليه بالوجود، أو بعدم الوجود؟. . لم يبق اللهم إلا هذه الأحجار المرصوصة التي نالت منها يد الزمان ما نالت، ونالت منها يد المصلحين أو المبدلين ما نالت هي الأخرى، وما أهون هذه الأحجار مجردة في نظر الناس ونظر التاريخ!. .

وهل حقيقة أفلس الأزهر كله من رسالته وجماعته وكتبه ومدرسيه؟. . فلنتريث في الجواب حتى نعرف فصل الخطاب!. . لا جدال في أن الأزهر الشريف كان قبل النهضة المعاصرة يغط في سبات عميق، وكان مقطوع الصلات بالحياة والأحياء، وكان أشبه بالأثر

<<  <  ج:
ص:  >  >>