للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رواية الأبناء والمحبين]

للكاتب الإنجليزي د. هـ. لورنس

نقد وتحليل

أراد د. هـ. لورنس في روايته أن يصور لنا فتى خيالي النزعة دقيق المشاعر في دور الانتقال الأول من حياة الصبي إلى حياة الرجل.

وليس الفتى (بول) في هذه الرواية الا فتى د. هـ. لورنس نفسه، فأبوه عامل خشن من عمال المناجم يعول أسرته بعمل ذراعيه ولا يعرف من لذات الحياة غير المأكل والمشرب ولا سيما الأخير منهما. وأما مسز موريل أمه فامرأة من أسرة من الطبقات المتوسطة، كان أبوها مهندسا وكان رجلا كبير الجثة جميلا باديالعظمة فخوراً بلون بشرته الأبيض وزرقة عينيه وفخوراً أكثر باستقامته، وقد شابهت جرترود (اي مسز موريل) أمها في ضآلة البنية ولكنها ورثت خلقها بما فيه من تكبر وشدة حساسية من أسرة أبيها.

ومع ذلك تزوجت هذه المرأة المهذبة من ذلك العامل الخشن، فقد قابلت وهي في الثالثة والعشرين من عمرها فتى من وادي أرواش في حفلة من حفلات عيد الميلاد، وكان موريل عندئذ في السابعة والعشرين من عمره، وكان جميل الجسم معتدل القامة ظاهر النشاط ذا شعر أسود متوج لامع ولحية سوداء قوية لم تحلق قط، وتلوح على خديه علائم الصحة، ويلفت النظر فمه الأحمر الرطب لأنه كان يضحك كثيرا ويضحك من أعماق قلبه، وقد وهب، تلك الموهبة النادرة أعني الضحكة القوية الرنانة، ولاحظته جرترود فسحرت به، وكان مليئا بالألوان والحياة ويتنقل صوته بسهولة إلى المضحك الغريب، وكان سريع الخاطر ظريفا مع الجميع، وكان أبوها يميل إلى الفكاهة النازعة إلى السخرية، ولكن هذا الرجل يختلف عنه، ففكاهته ناعمة بعيدة عن التعمق الذهني وحارة فيها نوع من اللعب.

أما هي فكانت على الضد من ذلك ذات عقل دائم التساؤل قابل للمعلومات يجد لذة كبيرة في الإصغاء إلى الآخرين وكانت ذكية في جر الناس إلى الكلام، تحب الآراء وتعتبر مثقفة تثقيفا كبيرا، وتحب بنوع خاص المناقشة في الدين والفلسفة والسياسة مع رجل مهذب، ولكنه لم تكن تمتع بهذه الفرصة كثيرا، لذلك تحمل الناس على أن يتكلموا معها عن أنفسهم وتجد في ذلك لذة كبرى، وكانت في شخصها ضئيلة ورقيقة ذات جبهة عريضة تتساقط

<<  <  ج:
ص:  >  >>