للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأثر العربي]

في الثقافة الإنجليزية في القرون الوسطى

للأستاذ عبد العزيز أمين عبد المجيد

ليس من الممكن معالجة موضوع الأثر العربي في الثقافة الإنجليزية بتفصيل واستيعاب في مقالة واحدة أو بضع مقالات. ولا من الممكن أيضاً ذكر الكثير من أسماء العلماء والمؤلفين والمترجمين الذين ساهموا بنصيب وافر في نقل الثقافة العربية إلى دائرة الفكر الإنجليزي أو الأدب الإنجليزي. ولذلك سأحاول معالجة هذا الموضوع في ثلاث مقالات فقط: هذه المقالة وموضوعها (في القرون الوسطى). والمقالة الثانية وموضوعها (في عصر النهضة). والمقالة الأخيرة وموضوعها (في القرنين الماضيين). وستكون معالجتي إجمالية عامة.

إن ما أعنيه بالأثر العربي هنا هو كل ما وصل إلى الثقافة الإنجليزية عن طريق اللغة العربية، سواء أكان ذلك من إنتاج العرب أنفسهم أم من إنتاج غيرهم من الأمم التي ترجمت فلسفتها وعلومها وآدابها إلى اللغة العربية. وأعني بالثقافة الإنجليزية ما أنتجته القريحة الإنجليزية من أدب وفلسفة وعلم وكتب حينئذ باللغة اللاتينية التي كانت لغة التأليف الآداب في إنجلترا وغيرها من ممالك أوربا في القرون الوسطى

لعلنا نذكر أن بغداد كانت مقر الخلافة العباسية، وأن خلفاء هذه الدولة قد انصرفوا بعد أن استتب لهم الحكم إلى تشجيع العلم والعلماء، فازدهرت العلوم على اختلاف أنواعها، وبدأ عصر جديد هو عصر الترجمة من اللغات الأجنبية كاليونانية والفارسية والهندية. وبلغ ذلك العصر أوجه في أيام الرشيد والمأمون. ووجد في اللغة العربية ما يسمى (بالعلوم الدخيلة) أي التي دخلت في اللغة العربية من لغات أخرى، كالطب والفلسفة والمنطق والفلك والرياضة. ويعزى أكثر الكتب التي ترجمت حينئذ إلى أرسطو طاليس وأفلاطون وبطليموس وأبقراط وأقليدس من علماء اليونان وفلاسفتهم. وكان أكثر المترجمين من غير العرب - كما نعلم - لأن العرب أصحاب السيادة كانوا منصرفين إذ ذاك إلى العناية بنظام الحكم والسياسة. ولأن من قاموا بالترجمة من السريان والنصارى واليهود كانوا على علم كاف بالعربية واللغات الأخرى المترجم عنها. نمت هذه العلوم الدخيلة وعكف على دراستها

<<  <  ج:
ص:  >  >>