للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى القوي الأمين الرئيس اللواء محمد نجيب]

من شيخ في الشام

يا سيدي:

// لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها ... قد كنت شهما فأتبع رأسها أذنبا

وما كان فاروق (على قبح سيرته، وتسخيره عقله لشهوته وسلطانه للذته) رأس الشر، بل كان ذنبا طويلا من أذنابه. . وما كان فاروق أصل الفساد، بل كان فرعا عاليا من فروعه، سمق حتى بدا، وبسق حتى أظل، وإن كان بعش الشر كالعقرب، أخبث ما فيها الذنب، ومن الظل ظل ذو ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب.

إن رأس الشر التربية التي صنعت فاروق. وهذه الحياة المستهترة المنحلة التي مكنت لفاروق. . ومادام الجذع قائما، والتربة منبته، فإنه سيخلف الفرع المقطوع، فروع.

وما فاروق؟ ولد نشئ على أن يعطي كل ما يطلب، ويمنح كل ما يريد. على غير توقى ولا حياء. ما يعصمه من خوف الله عاصم، ولا يمنعه من هيبة الناس ما يمنع أوساط الناس، فأدت به البداية على هذه النهاية. ولو كان الزمان مقبلا، والتربية صالحة والأمة نقية دينة كما كانت أمة صدر الإسلام، وربي فاروق على ما كان يربى أبناء المسلمين في ذلك الزمان، لكان (الملك الصالح) حقا.

وما دام هذا الفسوق باقيا، والتكشف والاختلاط والفساد، ومادام في الناس آلاف يعيشون عيش انطلاق وراء اللذة، وسعي لنيل الشهوة، من حل ومن حرمة.

وما دام في أطفال آلاف يربون الآن على نحو ما ربي عليه فاروق، فمن يأمن أن ينجم إذا أو بعد غذ من ينال منهم على فساده سلطانا فيكون شرا على الناس من فاروق؟

فإذا أردت الإصلاح يا سيدي حقا. وأنت لا شك تريده، فاقطع أصل شجرة الفساد، وأسحق رأس الأفعى، واستأصل بذور الداء، فإنه لا يكفي أن تفقأ الدمل، ولا أن تدفع (النوبة) إن ذلك يريح المريض ولكنه لا يشفيه. ما الشفاء إلا قطع أسباب الداء. ووقاية الجسم من عدواه، وتقويته حتى لا تؤثر فيه العدوى ولا يكون ذلك إلا بمحاربة الدعارة ومظاهر الإثم ودواعيه أولا ثم بتشجيع الزواج الحلال، ليغني عن الزنا الحرام، ثم بإصلاح المدارس، وتنشئة الناشئة على خوف الله. وكراهة المعصية، وعلى الرجولة والعفاف وابتغاء المعالي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>