وجملة القول هنا أنه لابد من الشجاعة والإقدام للنجاح في هذه الحياة، لأنهما يأبيان على المتحلي بهما الاعتماد على الغير، ويقودانه إلى الطموح والسعي والابتكار. وصفتا الشجاعة والإقدام لا تتأصلان إلا بالتربية الاستقلالية التي تبدأ من الطفولة الأولى، وتنمو في الوسط الحر المستقل وتثبت بالقدوة والمثل
وفي البيئات الحرة المستقلة يقل اعتماد الفرد على الجماعة فتخفف أعباؤها. وفيها يشعر كل فرد بحقه وبواجبه فيعمل الواجب، ويطالب بالحق، ويكره الضيم ولا ينام للظلم. وبهذا يفكر الظالمون والمتعسفون كثيراً قبل أن يقترفوا الظلم والعسف، فيقل الاحتكاك وتسرع الجماعة في طريق البشرية لتحقيق مثل الإنسان الأعلى، دون فقدان كثير من قواعدها في احتكاك داخلي يوهن عزيمتها، ويفت في عضدها
ولا شك أن أعمال الحكومة تؤدي كثيراً إلى تدعيم روح الحرية والاستقلال بمراعاة ما ذكر في النظم والقوانين، وفي كيفية تطبيق رجال القضاة والإدارة لهذه القوانين والنظم
فكفالة حرية الرأي تساعد كثيراً على نضوج الفكر ومن ثم على نضوج الحرية الاجتماعية وتقضي على الفوضى، ومن الواجب مراعاة هذا لدى التقنين
واختيار القضاة ممن عرفوا بالصلابة في الحق، والتمكن من القانون، واستنارة الفكر، تعاون الجماعة على ضمان سير العدالة؛ وبذا يشعر الناس بأن لا ضير عليهم ما قاموا بواجبهم في حدود القانون، فيعظم نشاطهم ويكثر إنتاجهم
وتحلى رجال الإدارة كبارهم وصغارهم بصفات الاستقلال والحرية والشجاعة والإقدام يعمل كثيراً على سير أداة الحكم بلا عوج ولا غرض، فتشيع في الناس صفات الآباء والشمم،