للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الصحافة المصرية]

هل الصحف مرآة معبرة. . أم موجهة مؤثرة. .؟

للأستاذ محمود الشرقاوي

قامت في الأشهر الماضية غضبة من جهات ومن هيئات لها نفوذ ولرأيها وزن فيما أصلح على تسميته (بالصور الخليعة) التي أسرفت صحف معينة في نشرها، حتى أمر وزير الداخلية بتذكير الصحف بما يمنع نشر هذه الصور من القوانين، وتذكيرها واجبها في رعاية الأخلاق والتقاليد وعدم الانسياق وراء المنافسة أو الربح أو التقليد ونسيان ما تجب رعايته من الملابسات والاعتبارات الخاصة. وما يزال أثر من هذه القضية قائماً عند بعض هذه الجهات وفيما ينشره بعض الكتاب والعلماء في ذلك.

ومع شعوري بشيء من الحرج إذ أعالج هذا الموضوع، فقد تملكتني الرغبة الغالبة في أن أكتب فيه، إن كنت سأتناوله من ناحية أخرى لا تقل في أثراً عن موضوع هذه الصور الغير مرغوب فيها.

الذين لا يرون بأساً ولا خطراً من نشر ما يجري في جميع نواحي الحياة المصرية والعالمية من ألوان النشاط الاجتماعي يقولون إن الصحافة مرآة لهذه الحياة بألوان نشاطها جميعاً، وكما تحرص الصحف على أن تنقل لقرائها صورة (صادقة) من ألوان النشاط المصري والعالمي في السياسة والاختراع والعلم والاقتصاد والأدب مثلاً، فمن تمام واجباتها أن تنقل إليهم هذه الصورة الصادقة من ألوان النشاط الاجتماعي.

فإذا كانت هذه الصورة الصادقة من ألوان النشاط الاجتماعي لا ترضي جهة من الجهات أو جماعة أو هيئة لها مقاييس خاصة وفهم خاص ومنهج للحياة خاص أيضا، فليس الذنب في ذلك واقعاً على الصحافة التي نقلت الصورة، فإنما هي تسجل ما يقع ويحدث.

ومما يقال في ذلك إن هذا اللون من الحياة الاجتماعية يكاد أن يكون مشتركاً ومتماثلاً في حيوات جميع الطبقات العليا في الأمم الراقية، وقد يؤخذ دليلاً على تقدمها ومقدار ما بلغته من حضارة ورفاهية. وما دمنا نقول إن مصر قطعة من أوربا أو يجب أن تكون قطعة منها، فإن هذا اللون من الحياة هو مما تصعب مقاومته؛ ومن الأفضل أن تتجه فيه الجهود إلى التهذيب وترقية الذوق العام وترفيه النفوس، بدلاً من القسر والقهر والإعنات والمنع

<<  <  ج:
ص:  >  >>