للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بقوة القانون لما لا يمكن أن يخضع لقانون.

لست في هذا الذي أقوله مدافعاً عن وجهة نظر معينة، ولكنني مقرر لهذه الوجهة من النظر ملخص لها لأستخدمها فيما أريد أن أصل إليه فيما يلي: -

الصحافة المصرية على وجه العموم ناجحة إلى حد كبير وصادقة في التعبير عن الحياة المصرية والأماني المصرية، كما هي ناجحة وصادقة ومستوفاة عندما تعطي صورة عن التيارات العالمية والاتجاهات الواضحة والغامضة للسياسة الدولية، بل جميع ما يتفاعل في هذا العالم المضطرب المتقلقل من المؤثرات والعوامل المختلفة والمتباينة بل المتناقضة.

ولكن هناك ناحية في الصحافة المصرية تشغل بالي وأعتقد أنها كذلك تشغل بال كثيرين من المفكرين الذين تشغل أذهان الناس بالنافع والمفيد على الدوام وليس بما يسليهم فقط ويزجي فراغهم.

وقد كتبت أن هذا يشغل البال، ولكني أريد أنه يقلق البال ولا يشغله فقط. ولست أريد أن أحدد مسؤولية ذلك، أهي واقعة على بعض الصحف، أم على بعض الكتاب، أم على الجمهور القارئ، أم هي موزعة مشتركة بينهم جميعاً أو بين هذه الصحف وهؤلاء الكتاب فقط، لا أحدد مسؤولية ولكني أنبه إلى ظاهرة.

والصحف المصرية على كثرتها وابتكارها وجمال رونقها يشغل بعضها صفحات منه بأشياء من المعلومات والمقالات والصور قد تكون شيقة وقد تكون جذابة وقد تكون مبتكرة بارعة، ولكنها يمكن أن توصف في كثير منها بعدم التعمق والبعد عن الجدية. وأنا أتكلم عن ناحية الأدب والفكر فقط.

وبينما الصراع الفكري والسياسي والاقتصادي والمذهبي يكاد يقتحم على جميع بيوتها وأمورها وخاصة حياتها ويستولي على عقولها، نجد كتاباً في مصر يلجئون إلى قصص مترجمة أو موضوعة مما يلبي الرغبات السهلة العاجلة أو يتملق الغرائز عند الشباب من النوعين، وآخرين يفتشون في بطون الكتب للبحث عن كلمة أو نقل (طرائف) لا تحرك الذهن ولا تشغله بالتفكير في هذا العالم وما فيه. ولا بالتفكير في حياتنا المصرية هذه وما فيها، وهو كثير.

ولا أنكر أن هذا لون لا بد منه من ألوان النشاط الأدبي، ولكني أكاد لا أجدالآن من يشتغل

<<  <  ج:
ص:  >  >>