(قرأت كلمة الأستاذ سيد قطب (بين العقاد والرافعي) في العدد السالف من الرسالة؛ وأنا أعمل الآن عمل المؤرخ لحياة قد استأثر بها التاريخ، والأستاذ قطب يريد أن يكون ناقداً، وفي مذهبه أنه (لا يصح أن يكون الموت معطلاً للنقد). . . وفي مذهبنا أنه لا ينبغي أن يكون بيني وبينه جدال يعطل التاريخ؛ ومع ذلك فإن ما أتى به من النقد ليس بشيء عندنا. ولقد مات الرافعي ولكنه خلف طائفة كريمة من الأدباء، كلهم أمين على أدبه حريص على تراثه؛ فلا جرم أن يتولى تزييف هذا النقد أو تعديله رجل غيري ممن خلف الرافعي لهم أدبه أمناء عليه، لأفرغ لما أنا فيه؛ فلينتدب له صديقنا (الأستاذ محمود محمد شاكر)، فتلك من أمانات الرافعي في عنقه)
العريان
الملاح التائه
بعد ما أنشأ الرافعي مقالة (وحي الهجرة في نفسي) للعدد الممتاز من الرسالة في سنة ١٣٥٣هـ، أهدى إليه الشاعر المهندس علي محمود طه ديوانه (الملاح التائه)، وأحسبه طلب إليه أن يكتب عنه. وكان بين الرافعي والشاعر المهندس صلة قديمة من الود، أظنها نشأت في حجرة الأستاذ فؤاد صروف محرر المقتطف، حيث كان الرافعي يقضي أكثر أوقات فراغه كلما هبط إلى القاهرة لعمل من أعماله. وهناك كان يلتقي الرافعي، وصروف وإسماعيل مظهر، ومحمود شاكر، والمعلوف، وغيرهم من أدباء العربية، فيحتدم الجدل ساعات في موضوعات شتى من الأدب. ولم يكن للرافعي ندوة أدبية يقصد إليها كلما جاء القاهرة منذ هجر فلانة - أحب إليه من دار المقتطف، ثم صار له ندوة ثانية من بعد حين