نشأت الصحافة الحديثة منذ نحو قرن ونصف قرن، وكثير من الصحف الأوربية الكبرى قد جاوز العيد المئوي؛ ولكن الصحافة الشعبية أو بعبارة أخرى الصحافة المعاصرة التي نقرؤها اليوم ترجع إلى مائة عام فقط؛ وكانت الصحف قبل مائة عام أداة من أدوات الترف، لا يحرزها سوى الأغنياء، وكانت في الغالب صحفاً أدبية فلسفية، قلما تفسح لما نسميه اليوم بالأخبار المحلية مجالا كبيراً. وقد أدرك سر هذا النقص صحفي فرنسي بارع هو أميل دي جيراردان؛ وكان كاتباً ساحر الأسلوب بدأ حياته الأدبية بإصدار رواية عنوانها (أميل) يقص فيها سيرة حياته؛ ثم خطر له أن يصدر مجلة أسبوعية أدبية، ينقل فيها أحسن المقالات والقصص عن الصحف الأخرى وسماها (السارق) دلالة على خطبتها في النقل؛ بيد أنه تطرف بعد ذلك إلى مشروع أهم، فقد خطر له أن يصدر صحيفة يومية شعبية رخيصة الثمن تحتوي على أهم الأخبار الأخيرة؛ وفي أوائل يوليه سنة ١٨٣٦، أعني منذ مائة عام، أصدر جيراردان جريدة الصحافة وقدمها للجمهور بنصف الثمن المعتاد وجعل اشتراكها السنوي أربعين فرنكا فقط، فكانت فكرته فتحاً جديداً في عالم الصحافة، ولأول مرة أقبل الجمهور المتوسط على اقتناء الصحف، واستطاع لأول مرة أن يقرأ الأخبار الأخيرة بصورة منتظمة متوالية
وكان هذا بدء الصحافة المعاصرة التي تطورت حتى أصبحت بمحتوياتها الأدبية والخبرية ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية
طبعة جديدة من الأنيس المطرب
تصدر الآن بالمغرب الأقصى (بمدينة الرباط) طبعة جديدة لتاريخ ابن أبي زرع الفاسي المسمى (الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس)؛ وقد ظهر من هذه الطبعة الجديدة الجزء الأول، وحققه وعلق عليه الأستاذ محمد الهاشمي الفيلالي من أدباء فاس، وأخرجته شركة النشر المغربية التي ألفت أخيراً بالمغرب من بعض الأدباء لتعني بإحياء الآداب المغربية
وتاريخ ابن أبي زرع مشهور بين التواريخ المغربية، وهو يتناول تاريخ المغرب ودوله