للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش السياسة الدولية]

للأستاذ عمر حليق

وراء التوتر المخيف الذي يسود العلاقات الدولية هذه الأيام بعض العوامل الجوهرية التي قل أن يفطن لها المتتبع للشؤون الدولي عن طريق الصحف السيارة وغيرها من المواصلات الفكرية السريعة.

وهذه العوامل لا تقتصر على التنافس الاقتصادي والسياسي بمعناه الشائع؛ وإنما تشمل أوجها أخرى على غاية من الخطورة، وعلى عوامل بعيدة الأثر راسخة النفوذ في صميم المقومات الخلقية والثقافية والنفسانية لهذه الشعوب التي تنقسم الآن إلى معسكرات متطاحنة، تهددالإنسانية بويلات الذرة والهيدروجين وشتىأسلحة الحرب الحديثة المروعة.

ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة - في أمريكا وبريطانيا على وجه الخصوص - دراسات عميقة البحث، علميةالمنهج، تحاول أن تلقي أضواء على تباين هذه المقومات الخلقية والثقافية والنفسانية في الشعوب المتخاصمة التي بلغت حدة خصومتها درجة يدركها المتتبع لمجرى الحوادث اليومية في عالم قلق مرهف الأعصاب.

وسيحاول كاتب هذه السطور أن يستعرض في فصول قصيرة ألواناً من هذه النتائج التي وصلت أليها تلك الدراسات التي توخى الباحثون فيها أهدافاً إيجابية نزيهة - نظراً لما فيها من نفع يستعين به رجل العصر على تفهم الأحداث ومكافحة الإرهاق العصبي الذي تخلقه مشاكل السياسة الدولية.

والتعرف على حقائق العلاقات الدولية ضرورة حتمية لأهل الشرق، وليست ترفا ثقافيا يمكن الاستغناء عنه.

فالموطن في مصر أو سوريا أو العراق أو نجد مثلا له مصلحة وصلة مباشرة بالتطورات السريعة المتلاحقة التي توجه العلاقات الدولية هذه الأيام - مصلحة وصلة أكثر وثوقا من مصلحة الموطن الذي يعيش في الأرجنتين أو الأروغواي أو غيرها من هذه الدويلات التي تعيش في أمريكا اللاتينية مثلا - وهي قسم من العالم لا تجاوره، وتهددهتهديدا مباشرا حدة التوتر الدولي وأخطار الحروب العالمة كما تهدد الشرق الأوسط مثلا.

والدراسات التي أشرنا أليها تتوخى التعرف معرفة جوهرية صادقة على حقيقة السلوك

<<  <  ج:
ص:  >  >>