للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ألمانيا]

للأستاذ أبو الفتوح عطيفة

أمة من الفرسان تحالف ضدها الإنسان والزمان، ودولة يحتل الأعداء أراضيها وقد كانت تحتل من معظم القارة الأوربية كل مكان، وشعب ينهزم ولكنه لا يلبث أن يقف ناهضاً، ودولة اشد الرهبة، ويرعبهم ذكر اسمها أشد الرعب، وإن كنت غير مصدق فسل فرنسا والفرنسيين، وأنت كفيل بأن تصل حتما إلى الحقيقة واليقين.

وإن أنس لا أنس سيدة فرنسية كانت تقيم في المنزل الذي كنت أقيم به في ١٩٣٩ أي عند قيام الحرب العالمية الثانية وكان قومها يسكنون على حدود فرنسا الشرقية أي المجاورة لألمانيا، فلما أعلنت الحرب جاءتني فزعة ومضطرة ومعها جريدة فرنسية تحمل النبأ فحاولت أن أهدئ من روعها وأن أطمئنها فقلت لها: (يا سيدتي إن الجنود الفرنسيين البواسل سيصمدون أمام الألمان المعتدين ولن يصيب قومك سوء. .) فكان جوابها: (يا سيدي أنت لا تعرف الألمان؟ سلني عنهم أجبك: إنهم قوة قاهرة غلابة لا قبل لنا بها، وقوم متوحشون لا نعرف الرأفة إلى قلوبهم سبيلا).

في ١٩٤٣ زارني صديق كان يقيم بمدينة ليون بفرنسا في الفترة من ١٩٣٨ - ١٩٤٢ وكان من الطبيعي أن أطلب إليه أن يصف حالة فرنسا والفرنسيين عند قيام الحرب وهن مدى الفزع الذي استولى على الفرنسيين إذ ذاك فأجابني بما يأتي قال: كان لي صديق من الفرنسيين فلما قامت الحرب جنده، فذهبت لأودعه وأبديت أسفي لفراقه وخوفي عليه وإشفاقي من طول غيابه، ولكنه أجابني قائلا (لا يا سيدي لن يطول غيابي فإنني عن قريب عائد). ولا عجب فإن الفرنسيين كانوا لا يثقون بأنفسهم ويؤمنون بأنهم لن يستطيعوا الوقوف في وجه الألمان. وفعلا عندما التقى الفرنسيون - وكانت قلوبهم هواء - بالفرسان الألمان لم يلبثوا إلا عشية وضحاها ثم ولوامدبرين!

ويتجلى مدى وف فرنسا من ألمانيا فيما تقدم به كليمنصو رئيس وزراء فرنسا غداة انتصار الحلفاء ١٩١٨ من وجوب تقسيم ألمانيا إلى دولتين حتى تضعف ويزول الخطر عن فرنسا. وقد كان كليمنصو على حق فيما ذهب إليه: لقد احتلت جنود ألمانيا باريس عاصمة فرنسا عدة مرات في خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين:

<<  <  ج:
ص:  >  >>