للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من أساطير الإغريق

١ - خرافة جاسون

للأستاذ دريني خشبة

غلب بلياس الظالم أخاه إيسون على مُلك تساليا، فهام الملك على وجهه في أقصى الأرض، وهامت معه زوجته الملكة الصالحة آلسِميديه، وطفلهما الوحيد اليانع جاسون. . . وعرجا في تطوافهم بأستاذ أخيل العظيم شيرون، فدفعا إليه بالطفل يهذبه ويؤدبه، وينشّئه على الفروسية ومكارم الأخلاق؛ ورجواه أن يكتم سرهما عنه حتى يشب ويترعرع، ويبلغ أشده، فيثير في صدره الحمية، ويرسله ليثأر لأبويه، وليستخلص العرش من غاصبه. وأخلص شيرون في تربية جاسون الإخلاص كله، وكان يردفه خلفه ليعلمه الرماية، وهو شرف عظيم لم ينله من تلاميذه غير أخيل الخالد، وغير جاسون. . . ثم مرت الأيام، وشبّ الفتى على غرار أستاذه، فلم يكن في الدنيا بأسرها أحملُ منه لسيف، ولا أرمى لسهم، ولا أرجح في تفكير، ولا أوفر في حظ من جمال وكمال. ووقفه شيرون على سر أبويه، وما كان من اغتصاب عمه بلياس عرش والده؛ فثار ثائر الغلام، وازّلزل قلبه، وضرب برجله يود لو يخرق الأرض فيكون عند الظالم، فيذرو عظامه في الريح!

ووعظه شيرون، وأوصاه بالصبر وطول الأناة وإعمال الروية وحذره أن يعيث فساداً في الأرض، ونصحه أن يكون رحيماً بالضعفاء، وألا يألو جهداً في مساعدة من يطلب منه المساعدة، وألا يكون عداؤه لعمه سبباً في عدائه لجميع الناس. . . وأعطاه الفتى موثقه، ثم اخترط سيفه، وربط على قدميه وساقيه نعليه الذهبيتين، وودع أستاذه وحياه أحسن تحية، وانطلق يذرع الرحب إلى يولكوس، حاضرة تساليا

ولقي في طريقه سيلاً زاخر العباب، فوقف حياله ينظر ويفكر، ويدبر لنفسه خطة يعبره بها. وكان السيل جياشاً ينحدر من شعاف الجبل القريب، فيجرف في سبيله الجلاميد والنّؤى، وتظل تتدحرج ويضرب بعضها بعضاً فتنسحق وتتفتت، فراعه أن ينزلق وسطها، ويكون مصيره مصير جلمود منها. . . وفيما هو يعمل فكره، وفيما هو يتلفت يمنة ويسرة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>