إن هذا الشجار العنيف الذي يؤلف به صديقانا الدكتور بشر فارس والأستاذ زكي طليمات جبهة تتناحر مع جبهة الشاعر المهندس على محمود طه، هو في نظرنا مما ينطبق عليه المثل المصري:(خناقة على اللحاف).
كتب بشر عن ديوان الشاعر، فغضب الشاعر لبنات قلبه وراح ينظر في ماض الدكتور الأديب حتى وقع على مسرحيته (مفرق الطريق) التي أخرجها منذ ثلاثة أعوام وبعض عام. ثم أخذ يكيل له صاعاً بصاع، ويعدد له من السرقات كما عدد هو له من قبل؛ وحينئذ انبرى رجل المسرح الأستاذ طليمات، ليقوم بنصيبه المعلوم، كما قام بأنصبتهم في هذه المعركة غيره كثيرون.
والحق أن بطلينا كليهما شريفان - لم يسرق بشر فارس، ولا سرق علي محمود طه، فحكاية السرقة غير معقولة إذا نحن تأملنا ماهية الفن وعرفناها.
وقبل أن نبين هذه الماهية، يجب أن نخرج من موضوعنا تلك الفلسفات التي يحكونها عن (كانت) و (برجسون) ومن إليهما، لأنها هنا لا لزوم لها. وأغلب الظن أنهم يحكونها تفلسفاً على القراء.
كأنكم فهمتم يا سادتي أن الفن (فكرة) والحق أن الفن (صورة) أولاً وأخيراً.
إن الأفكار من الأشياء المجردة التي تكون هي بعينها في جميع العقول والإفهام. أما الفن فهو (أسلوب) الفنان في (تصوير) عاطفته (الشخصية) بأدواته الخاصة المختلفة باختلاف الفنون السبعة. الفن هو (الإنسان مضافاً إلى الطبيعة) كما يقول الفيلسوف الإنجليزي بيكون وإذن فكيف يأخذ العقاد الكبير عن (كانت) العظيم - مثلاً - ما دمنا نعتبره شاعراً!؟ والدكتور بشر، كيف يمكن أن (يسرق) من أحدهما إذا كنا نعتقده أنه قدم لنا أثراً فنياً صحيحاً في حدوده؟! ثم الشاعر علي محمود طه الذي غنى له عبد الوهاب فأطرب الناس جميعاً، كيف يمكن أن (يشعر) لغيره؟!
أخرجوا السرقة من حساب الفن، لأنها (سيكولوجيا) لا يمكن أن تكون. وإذا أردتم أن تقدروا صورة فنية فاقصروا القول على نصيبها من (الصدق أو (التعبير) أو - في كلمة