للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

نشوء القومية في البلاد العربية:

ألقى الأستاذ ساطع الحصري يوم السبت المحاضرة الخامسة من سلسلة محاضراته بالجمعية الجغرافية الملكية، فتحدث عن (نشوء الفكرة القومية في البلاد العربية حتى الحرب العالمية الأولى).

قال الأستاذ إن البلاد العربية كانت خاضعة للدولة العثمانية باعتبارها دولة إسلامية، وكانت تنظر إليها على أنها حلقة في سلسلة التاريخ الإسلامي، وقد سيطرت الدولة على هذه البلاد بتغلبها على الجنود والحكام، ولم تقاومها الشعوب، باستثناء اليمن لاعتناقها (الزيدية) التي ترى أن يكون الخليفة من آل البيت ومن نسل زيد. وكان المسلمون ينضوون تحت لواء الدولة متجهين إليها سياسياً ودينياً، على خلاف المسيحيين العرب الذين كانت لهم هيئات دينية منفصلة عن الدولة، وكانوا يمجدون الفكرة العربية منفصلة عن الدين؛ وكان هؤلاء المسيحيون ثلاثة طوائف: الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، وكان يلي المناصب الدينية بالكنائس الأرثوذكسية الشرقية رجال الدين من اليونان، وكانوا يفرضون اللغة اليونانية في الصلاة وغيرها من شعائر الدين؛ وكذلك كان الرومان واللغة اللاتينية في الكنائس الكاثوليكية الشرقية، وتحدث الأستاذ عن جهود العرب المسيحيين في مقاومة اليونانية واللاتينية في البيئات الدينية حتى استبدلوا بهما اللغة العربية؛ أما البروتستانت فكانوا من الأمريكيين الذين تعلموا اللغة وعملوا على نشر مذهبهم في البلاد العربية بلغتها، وأنشأت الطوائف الثلاث مدارس كانت تهتم باللغة العربية وتعلم بها، على حين كانت مدارس الحكومة تعلم بالتركية ولا تلقى العربية من عنايتها إلا قليلاً.

وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين نشأت تيارات فكرية مختلفة، فالمسيحيون وبعض المستنيرين من المسلمين كانوا يدعون إلى انفصال البلاد العربية عن الدولة العثمانية وكان فريق كبير من المسلمين يعمل على جعل الخلافة عربية، ودعا فريق آخر إلى الإصلاح والاشتراك مع العثمانيين في إدارة دفة الأمور. ثم أعلن الدستور العثماني سنة ١٩٠٨، فشاركت الأمم العربية الأتراك في السرور بانتهاء حكم الاستبداد، واتجه شعور الجميع نحو التكتل ونسيان الخلافات؛ ولكن ذلك لم يدم طويلاً لأنه كان من

<<  <  ج:
ص:  >  >>