(ولد بندرانات طاغور سنة ١٨٦٠ بكلكتا من أسرة عريقة في المجد بنغالية. وفي هذه المدينة نشأ وفي جامعتها تخرج، ثم ذهب إلى إنكلترا وانتسب إلى جامعة اكسفورد وعكف على دراسة اللاتينية فيها، غير أنه لم يلبث أن مل تلك الحياة وعاد إلى موطنه، سويداء الشرق. وفي عام ١٩١٣ منحه المجمع العلمي في (استوكهولم) جائزة نوبل عن ديوان شعره الفلسفي (جيتانجالي). وقد بدأ طاغور حياته الفنية في الربيع الثامن عشر من عمره وبزغ نجمه في سماء الأدب بمسرحيته التي أخرجها يومذاك (جيترا). وفي هذه الفترة كان تأثره بالكاتب البنغالي (شندراشتركي) عظيما، وعكف من بعد ذلك على دراسة الفلسفة الهندية ونقل بعض روائعها إلى الإنكليزية بنفسه. ثم أسس جامعة (سانتينكتان) بمدينة بلبور بجوار كلكتا. وقد قام طاغور برحلات لممالك مختلفة واجتمع بأكابر المفكرين المعاصرين ومشاهير القادة الوطنيين من انشتاين إلى فيصل الأول ملك العراق الذي دعاه لزيارة بلاد الرافدين فلبى النداء قبل نحو عشر سنين. وقد كان طاغور يغمر كل مجتمع يحل به بفيض من علمه وحكمته وسحره وفكاهته وحسن محاضرته التي تستلب الألباب على ما يقول سامعوه. وقبل أن يشهد طاغور انتصار مبدأ السلام الذي خصص له أدبه وافاه الأجل المحتوم فاستشهد في ميدان الدفاع هذا العام. وإذا فقدت الدنيا جسمه ففكره الجبار لن يغيب عن رعاية الناس)
وأخيرا آن لهذا المطاف الطويل أن ينتهي إلى نهايته ويشرف على غايته. لقد مات طاغور وبموته استطاع أن يصل إلى الخلود الذي أشتاقه ومنى به نفسه، وردد ذكره في شعره ونثره؛ والذي من أجله أحب هذه الحياة التي كانت الطريق إليه فسايرها مسايرة المحبة والصفاء، لأنه عالم أن سير الركب به كان حثيثا وأنه عما قريب واصل منزل الأبدية الخالد وإن تطل في هذه الدنيا الطريق أو تعترضه فيها الصعاب
لقد مات طاغور، وليس بدعاً أن يموت طاغور؛ ذلك لأنه كان من أبناء الكون الأحياء، وسنة الكون أن يتدرج أبناؤه نحو الكمال، طوعاً كان ذلك أو كرهاً؛ فهو مكتوب عليهم وهم لابد سائرون إليه