تثور مشكلة الجزاء بوجه عام في دراسة القانون بفروعه المختلفة، ولكنها تتخذ صورة خاصة دقيقة إذا ما نظرنا إليها من ناحية القانون الدولي العام حيث تنافرت الآراء حول وجود جزاء له أو عدم وجوده ويتبع ذلك إنكار الصفة القانونية على هذا القانون أو إثباتها له. . . غير أن أغلب الفقهاء يعتقدون بحق أن القانون الدولي له كل مقومات القوانين ومميزاتها وإن كان لا يزال ضعيف الجزاء.
وقبل أن يولد ميثاق سان فرنسيسكو. . كانت أقصى مرحلة من التهذيب وصلتها الجزاءات الدولية - وذلك غير الحرب طبعاً - ما نصت عليه المادة السادسة عشرة من عهد عصبة الأمم البائدة، وهي قائمة بمفردها تتناول في أغلبها الجزاءات الاقتصادية وتشير إلى الجزاءات العسكرية باقتضاب دون تفصيل أو إيضاح.
ويعزو بعض الكتاب انهيار العصبة إلى عدم الالتفات جيداً إلى اللون العسكري من الجزاءات وهذا النقص الأخير قد تداركه ميثاق هيئة الأمم المتحدة وفصله تفصيلاً في أكثر من مادة.
لقد قلنا إن لمجلس الأمن اختصاصين: الأول منهما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدولي ويختص الثاني بالأحوال التي يقع فيها تهديد للسلم أو إخلال به أو حصول عدوان معين وهذه الأحوال التي تدخل في الاختصاص الثاني ليس لها صفات معينة أو حدود تقف عندها، بل إن مجلس الأمن له مطلق الحرية في تقرير هذه الحالات الخطيرة (انظر المادة ٣٩) وترتيب الجزاءات لها.
ويمكن القول بأن الجزاءات المنصوص عليها في الميثاق تتفاوت في الشدة والطبيعة فهناك ما يسمى بالتدابير المؤقتة (المادة ٤٠) ويوضحها الميثاق بقوله: إنه منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن قبل تقديم توصيات أو اتخاذ التدابير المنصوص عنها في المادة التاسعة والثلاثين. . . أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تخلو هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه.