دعوة الإصلاح تنقلب في الناهضين عملاً وفي الجامدين جدلاً. وفي هذه الرسالة وفيما تقرأه في بعض الصحف لفقهاء بيزنطة مصداق ذلك.
(الرسالة)
حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي
السلام عليكم ورحمة الله وبعد فإن أبناءكم طلبة كلية الشريعة الذين يعيشون في ظلال عهدكم السعيد قد تدبروا فيما يتصلون به من حياتهم العلمية وعلاقتهم العملية فاتفقوا على أن يتشرفوا برفع هذه الرسالة لفضيلتكم. يا صاحب الفضيلة - في عصركم الذهبي الذي تبذلون فيه مجهوداً جباراً في نفض غبار الخمول والكسل عن وجه الأزهر ليستطيع أن يطل برأسه على حياة العامة فيستأنف رسالته ويؤدي أمانته على الوجه الذي ينبغي له، نرى في الوقت نفسه أن جهوداً من جانب آخر تتضافر على الحيلولة بين الأزهر وبين رسالته وإبعاده عن الحياة العامة بشتى الوسائل ومختلف الطرق فتارة بتحصين دار العلوم وأخرى بإنشاء معهد للدراسات الإسلامية، ولا يبعد أن نسمع بفكرة أخرى هي إنشاء قسم للوعظ والإرشاد بإحدى كليات الجامعة، كما سبق العمل على تحقيق ذلك لولا عناية فضيلتكم، وطوراً بالعمل على إقصاء كلية الشريعة عن القضاء في الأحوال الشخصية وهي البقية الباقية من التشريع الإسلامي وإحلال كلية الحقوق محلها بحجة توحيد القضاء، وطوراً بإنشاء عدة إدارات للشؤون الاجتماعية وحرمان الأزهر من إدارة للشؤون الدينية تكون مهمتها توجيه ثقافة الأمة من هذه الناحية مع أن الدين هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه ثقافة أمة هي حاضرة الإسلام والمسلمين، ومن وراء العمل على إبعاد الأزهر عن نواحي الحياة العملية نرى حملة صحفية تنادي بوجوب التخلص من نفوذ رجال الدين؛ وفيما بين جهودكم التي تبذلون والمناوءات التي بها يقومون ضد الأزهر، نرى أن الأزهر نفسه قابع في داره ماض في طريقته القديمة التي تضعف صلته بالحياة العملية. أما هذه الجراثيم الفاتكة التي تنخر في عظامه، وأما هذه السهام القاتلة التي توجه إلى قلبه، وأما الكشف عن أسرار التشريع الإسلامي وإقناع الأمة بصلاحيته لسعادة المجتمع حتى نستطيع