للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تسوية المنازعات الدولية]

للأستاذ نقولا الحداد

قرأنا بالأمس النص الرسمي لميثاق السلم والأمن فلم نر فيه الضمانة التامة للسلم والأمن، على الرغم من بذل كل مجهود في سان فرنسيسكو.

في هذا الميثاق هيئتان كبريان للحرص على الأمن الدولي: الأولى الجمعية العمومية المؤلفة من جميع الأمم المتحدة التي كانت ممثلة في مؤتمر سان فرنسيسكو. والأخرى مجلس الأمن وهو مؤلف من أحد عشر عضواً، خمسة منهم ذوو كراسي دائمة في المجلس وهم بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا والستة الباقون تنتخبهم الجمعية العمومية من سائر الأمم المتحدة الأخرى لمدة سنتين ثم ينتخب غيرهم.

على أن حبل الأمن والسلم في يد هذا المجلس وهو أهم ما قرره المؤتمر ونص عليه في هذا الميثاق. ولذلك نتساءل الآن هل يصون هذا المجلس سلام العالم؟

كان العيب الأكبر في جمعية الأمم السابقة التي تمخضت بها شروط الصلح بعد الحرب الماضية أنها لم تكن مسلحة لكي يمكنها أن تنفذ قراراتها. ولم يُبح من وسائِل التنفيذ سوى وسيلة واحدة وهي التوصية بمقاطعة الدول المعتدية. ومع ذلك كانت هذه الوسيلة أضعف من الضعف لأن العمدة فيها كانت مروءة الدول أعضاء الجمعية. وليس للدول كما نعلم مروءات ولا ضمائر توجب عليها تنفيذ العهود.

وقد امتُحنَت جمعية الأمم وضمائرُ الدول في بعض المواقف فخابت. وكان آخر امتحان لها في قضية اعتداء إيطاليا على الحبشة فحكمت الجمعية بمقاطعة إيطاليا. فما من دولة نفذت هذه المقاطعة اللَّهم إلاَّ إنجلترا لأنها كانت في الحقيقة هي لا جمعية الأمم، خصم إيطاليا، بل كانت هي وحدها جمعية وبقية الأمم الأخرى ذيولاً لها. وأما فرنسا فعكست حكم المقاطعة بأن أقرضت إيطاليا حينئذ عشرين مليون جنيه بدل أن تمتنع عن مساعدتها.

هذا كان أمر جمعية الأمم المرحومة، فما كانت إلا قصبة مرضوضة لا حول لها ولا طول، فما صانت سلاماً ولا حفظت أمناً ولا منعت حرباً. فهل مجلس الأمن الذي وُلِد بالأمس أكثر طاقةً وأفعل صولةً منها في حفظ السلام؟ كان عيب جمعية الأمم المغفور لها أنها كانت عزلاء من السلاح. فهل مجلس الأمن الجديد مولود مسلحاً؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>