(النساء لا يقمن على العهد، ولا يثبتن على الولاء) ذلك ما يقوله الرجال وما يعتقدون. ولكن هذه القصة التي سأذكر تنقض هذا الرأي وتدل على ولاء المرأة مع غلظة الرجل، وثباتها مع جفوته، وما أحسبكم إلا تشتهون سماع هذه القصة:
جالتيري كان أميراً على دوقية سالوزو، وكان من زعماء الرأي الظالم للمرأة، لا يؤمن بوفائها ولا يثق بإخلاصها. وحال هذا الرأي بينه وبين الزواج، فصد عنه، وانصرف إلى صيد الوحش واقتناص الطير، يجد في ذلك ملهاة ولذة وسلوه. ولكن رعية هذا الأمير كانت مشفقة على البلاد أن يموت أميرها وليس ورائه من يجلس على العرش، وذهب مسعاهم في حمله على الزواج أدراج الرياح، واتخذوا له كل وسيلة فلم يزد إلا صداً ونفوراً
قال الملأ من قومه:(إنا لنراك في وحدة وسأم شديد، وهذه أجمل فتياتنا نقدمها إليك راضين، وإنا لأمرك لمنتظرون) قال:
(لو كانت بي إلى الزواج رغبة لاخترت شريكتي في الحياة لنفسي، لا أكلفكم في ذلك عناء ونصبا، وهذه الفتاة التي تقدمون إليّ مهما يكن من شأنها في أصالة الحسب، وعزة النسب - أرفضها مع احترامي لقدرها، وإجلالي لشرفها؛ وإني لأحذركم عاقبة ما يقع بي من حسرة، وما أجد من غضاضة إذا حملتموني كرهاً على أن أتخذ زوجة لي لا أرضاها ولا أبغي السبيل إليها). وانصرف القوم خائبين نادمين
خرج هذا الأمير يوماً يدور حول قصره، فأبصر إحدى راعيات الغنم: فتاة بهية الطلعة،