قرأنا في مجلة (لوروب نوفيل) وصفاً لمؤلف جديد عن (ستالين) بقلم مسيو بيير فريدريس. والظاهر أن شخصية ستالين (أو الرجل الصلبي) طاغية روسيا السوفيتية أضحت مستقر الاهتمام والدرس؛ فلأسابيع قلائل يصدر عن ستالين كتاب جديد بالفرنسية. وقد سبق أن أشرنا في هذا المكان إلى صدور الكتاب الأول وهو بقلم مسيو هنري باربيس الكاتب الفرنسي الثوري؛ وأما الكتاب الثاني فعنوانه ستالين أيضاً وهو بقلم مسيو بوريس سوفارين الكاتب الشيوعي؛ والكتاب الجديد بالفرنسية أيضاً مع أن مؤلفه مسيو سوفارين روسي الأصل نشأ في مهد الصحافة الروسية، ولكنه نزح إلى فرنسا منذ الثورة البلشفية، وغدا من أقطاب الشيوعيين في فرنسا، وكتابه يقع في مجلد ضخم يناهز الستمائة صفحة، وهو كما يسميه في عنوانه (خلاصة لتاريخ البلشفية) بيد أنها خلاصة ضافية جداً. ويبدأ مسيو سوفارين بالكلام عن ستالين ونشأته الأسيوية في بلاد الكرج في أسرة ريفية فقيرة؛ ثم يتناول تاريخ الحركات الثورية في روسيا منذ أواخر القرن الماضي بإفاضة، وتاريخ الأحزاب الثورية ومبادئها، وكيف تمخضت عن قيام الحزب البلشفي في أوائل هذا القرن؛ ويتطرق من ذلك إلى الحديث عن مقدمات الثورة البلشفية التي انتهت بقيام الحكومة السوفيتية وقبض البلاشفة على أقدار روسيا إلى اليوم ويستعرض خلال ذلك كل ما سنه البلاشفة من القوانين أو النظم الجديدة الاقتصادية والاجتماعية؛ ويعنى عناية خاصة باستيعاب كل ما يتعلق بتلك الشخصية الغامضة - ستالين - وكل ما يمكن أن يلقي الضياء على خواصها الغريبة. ويبدو ستالين خلال هذا الدرس شخصية مدهشة، فبينما نراه في ثوب متواضع جداً رجلاً لا يتمتع بثقافة محترمة، إذا به رجل ذو إرادة حديدية مخيفة، وإذا به طاغية خطر، يتذرع بأقسى الوسائل لتحقيق سياسته وأهوائه، ثم إذا به لا يزال مطبوعاً بالنزعة والصفات الأسيوية القديمة في الشغف بالدس والعمل من وراء ستار. ثم لا ريب مع ذلك أن ستالين من أعظم شخصيات التاريخ الحديث، وهو بذلك جدير بأن يدرس دراسة عميقة واسعة كتلك التي يقدمها إلينا مسيو سوفارين بعد أعوام طويلة من البحث والدرس في جميع المصادر والمحفوظات الروسية والأجنبية