التأريخ بالهمز والتاريخ بدون همز، والتوريخ، تعريف الوقت. وهو لفظ عربي أصيل، وقيل بل دخيل مأخوذ من أصل سرياني معناه (الشهر): وكانوا قبل الإسلام يوقتون بالنجوم والأهلة يكبسون الشهور إلحاقاً للسنة القمرية بالسنة الشمسية؛ وكانوا يؤرخون من الحوادث العظام والوقائع المشهورة كعام الفيل وبناء الكعبة ونحوهما. فلما كانت خلافة ثاني الخلفاء أمر عمر الناس فأخروا من عام الهجرة، ومضى الأمر على ذلك حتى يومنا هذا
هذا في اللغة؛ أما في الاصطلاح فالتاريخ عندهم فن يبحث عن وقائع الزمان من حيث توقيتها (وموضوعه الإنسان والزمان. وهو على هذا المعنى قديم عندهم، نما معرفة بسيطة ساذجة من معارف العرب قبل الإسلام، ثم تكمل على الزمن حتى أصبح علماً من أجل علومهم وأعظمها شأناً. فعرب الجاهلية كانوا لغلبة الأمية عليهم يتذاكرون أيامهم وأحداثهم من طريق الرواية الشفوية على هيئة أشعار مقصدة أو أخبار متفرقة؛ وشذ عن تلك الحال من اطرح منهم البداوة ونزل حواضر الجزيرة وخاصة أهل اليمن والحيرة، فقد نقش الأولون بالخط المسند على مبانيهم لمعا من أخبار ملوكهم وشئونهم العامة؛ ودون الآخرون بخطهم أخبار مملكتهم وأودعوها أديار الحيرة وكنائسها
فلما جاء الإسلام، وقامت الدولة العربية ومست الحاجة إلى معرفة سيرة الرسول العربي وأحواله استقصاء للسنة توفر رجال على جمع أخبار السيرة وتدوينها، فكان ذلك بدء اشتغال العرب في الإسلام بالتاريخ، وإن كان التاريخ لم يخرج يومئذ عن كونه نوعا من أنواع الحديث. وأقدم من كتب في موضوع السيرة عروة بن الزبير بن العوام المتوفى عام ٩٣هـ، وأبان بن عثمان ابن عفان المتوفى عام ١٠٥هـ، ووهب بن منبه المتوفى حوالي عام ١١٠هـ. ثم انتهى علم السيرة والمغازي إلى رجلين من الموالي هما محمد بن اسحق المتوفى عام ١٥٢هـ وقد اختصر سيرته ابن هشام المتوفى عام ٢١٨هـ ومختصره هذا هو الذي بأيدي الناس اليوم؛ ثم محمد بن عمر الواقدي المتوفى عام ٢٠٧، وكثير من روايته مضمن في كتاب الطبقات الكبير لابن سعد المتوفى عام ٢٣٠هـ هذا إلى كتاب له في مغازي الرسول مطبوع متداول