(شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولو العلم. . .)
للأستاذ عبد المنعم خلاف
شغلني شاغل الموت! موت أمي، تغمدها الله برحمته، عن الرد على مقال الصديق الأستاذ سيد قطب المنشور بالعدد ٦٤٥ من (الرسالة)، وقد أعاد به الحديث في قضيتي (العقيدة والتصوير الفني في القرآن)، بعد أنقطع الجدل بيننا قرابة ثلاثة أشهر بسبب مرضه عافاه الله.
وكتب الأخ الأستاذ علي الطنطاوي في العدد ٦٤٨ منتصراً لرأي الأستاذ سيد وأسند العقيدة للقلب لا للعقل، فلم يكن لي بد أن أعجل بالرد على الصديقين، برغم ضيق النفس والظروف بشواغل الموت والحزن، وأن أتحدث إليهما في هذا الشأن الخطير في عصر الظمأ الروحي والبحث عن ينابيع لشفاء النفوس من غليله.
وقبل البدء أود أن أنبهما - كما نبهت سابقاً - إلى أن حديثي في عقيدة (التوحيد) بوجه خاص، وليس في غيرها من شعب العقيدة الدينية. وقد رأيت أن القرآن جادل عنها وأثبتها بضروب الأدلة العقلية التي يكون الفكر فيها هو الأداة الأصلية وطالب مخالفيه بالبرهان. وأما الأستاذ سيد فيرى أن القرآن أثبتها عن طريق الوجدان بلا جدل ذهني، فيأخذ المؤمن ما أتى به في إجمال ويستريح بدون مناقشة بدون مناقشة على طريقة الذهن المعهود، ولم يفرق الأستاذ بين (التوحيد) وغيره من عقائد الإسلام في طرق دخولها إلى النفس، وقال إن العقيدة تثبت بأطرافها، وأنها أكبر من الذهن، ولا بد فيها من المجهول، وإلا استحالت رأياً.
وأنا لم أجاد له في العقيدة على إطلاقها في الإسلام ولا في الأديان الأخرى، وإنما جادلته ولا أزال في العقيدة (وحدانية الله)، وطريقة القرآن الذي يعتمد في إثباتها على المعلوم وحده وينأى عن (المجهول)، لأنها أساس الدين، فلا يصح أن يكون الأساس غير واضح وضوحاً يحمل العقل على الشهادة:(بأشد أن لا إله إلا الله).
والآن، أحاول مرة أخرى أن أبين أن القضية كما ورد بها القرآن ليست قضية تعتمد على