(امرأة هجرها زوجها منذ امد بعيد فعاشت وحيدة مع طفلها إلى أن قضت نحبها، فذرفت عيني دمعاً التأمت قطراته في كلمات قرأها الزوج الهارب في العدد الحادي والستين من (الرسالة) ثم جاءني يسعى. . .)
في سكون الليل الرهيب طرق باب منزلي، فلما أن فتحته وجدت أمامي شخصاً لم أتبينه
قلت: من؟
قال: ألا تعرفني؟
قلت: معذرة. . فمن طبيعة الإنسان أن ينسى، ومن صفات الليل أن يسكب لوناً غير لونها
قال: صديق قديم
قلت:(مرحباً). . ثم أخذت بيده إلى غرفة الاستقبال وتحت ضوء المصباح رأيت أمامي رجلاً في الحلقة الرابعة من عمره، ترتسم الكآبة على وجهه الشاحب ويظهر عدم الاكتراث على لباسه غير المنتظم ورباط رقبته الذي يتدلى على قميصه كالخرقة البالية. . . قلبت بصري في زائري الكريم ولكنني لم اذكر تلك الصداقة القديمة التي كانت تربطني به، لذا أحسست في نفسي بشيء من الريبة والخوف. وقبل أن أقول شيئاً أو ابدي حركة اعتدل ضيفي في جلسته ثم قال:
- أماتت حقيقة. . .؟
قلت: من؟
قال: زوجتي
قلت: ماذا تعني؟ أنت اعلم بحالها، أما أنا فلا أدرك ما تقصد ولا ادري من أمرك شيئاً
قال: بل انك تدري كل شيء ولكنك تريد أن تجهلني وتجهل كل شيء وبالأمس أخرجت للناس صورتي مشوهة ممسوخة، أملاها عليك خيالك الحاقد وأعصابك الثائرة، فقد قرأت في (الرسالة). . . . . .