قلت في الكلمة الماضية: إن طريقة التصوير والتظليل هي الطريقة التي وردت فيها فرائد الشعر العربي التي تهيأت للشعراء على ممر الأجيال
وقلت: إن طريقة التصوير والتخييل هي قاعدة التعبير في القرآن الكريم، وأنه تفرد بطريقة التصوير - في هذا المستوى - بين الشعر الجاهلي قبله، والشعر الإسلامي بعده
وقلت: إن التعبير الذي يرسم للمعنى صورة أو ظلاً، يخاطب الحس والوجدان، ويطبع في النفس صورة من صنع الخيال، وأن هذه الطريقة أقرب إلى طبيعة الفنون من الطريقة الأخرى التي تعنى بإبراز المعاني في الأساليب الذهنية التجريدية
فلعله يكون من كمال البحث في هذا الموضوع أن نعرض نماذج أخرى من الشرق والغرب ومن القديم والحديث، غير القرآن الكريم - في مستواه الرفيع - وغير الشعر العربي في الجاهلية والإسلام
جاء في (العهد القديم) - التوراة - كلام عن لسان (الجامعة بن داود) قال:
(باطل الأباطيل. الكل باطل. ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس؟ دور يمضي ودور يجيء، والأرض قائمة إلى الأبد. والشمس تشرق والشمس تغرب وتسرع إلى موضعها حيث تشرق. الريح تذهب إلى الجنوب، وتدور إلى الشمال. تذهب دائرة دورانا، وإلى مداراتها ترجع الريح. كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن. إلى المكان الذي جرت منه الأنهار، إلى هناك تذهب راجعة. كل الكلام يقصر، لا يستطيع الإنسان أن يخبر بالكل، العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع. ما كان فهو ما يكون، والذي صُنع فهو الذي يصنع، فليس تحت الشمس جديد. إن وجد شيء يقال عنه: انظر هذا جديد، فهو منذ زمان كان في الدهور التي كانت قبلنا. ليس ذِكرٌ للأولين. والآخرون أيضاً الذين سيكونون لا يكون لهم ذكر عند الذين يكونون بعدهم.
(أنا الجامعة. كنت ملكاً على إسرائيل في أورشليم. ووجهت قلبي للسؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما عمل تحت السموات. هو عناء رديء جعله الله لبني البشر ليعنوا فيه. رأيت