للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإسلام والفن والحياة]

للأستاذ منصور جاب الله

ما زال القلم ينازعني في التعقيب على نبأ طالعته في الصحف قبل أشهر، وما برحت أطامن نفاره وأرده عن جماحه حتى غلبني على أمري فكان هذا المقال!

وقصارى هذا النبأ أن (جمل المحمل) نفق، وليس في هذا شيء، فما كان نفوق حيوان ليسترعي الأذهان، ولكن بعض الصحف أبرز هذا الخبر في إطار مبالغة في الاهتمام به ولفت النظر إليه، إذن فليس الأمر أمر حيوان نفق وصار جيفة من الجيف، فلا بد أن للخبر وجهاً آخر يعادل هذا الوجوم المرتسم على كثير من الوجوه التي طالعها الخبر.

إن الذين قرءوا نبأ نفوق جمل المحمل، عرفوا من قبل أن (طلعة المحمل) قد ألغيت منذ هذا العام، وأن أهل القاهرة سوف يحرمون هذه (البدعة) التي جرت بها التقاليد منذ عهد (أم خليل المعتصمية) المشهورة في التاريخ باسم شجرة الدر، ومن ثم كان الحزن وكان الوجوم، وكان التساؤل: أي خير فات الأمة من بقاء المحمل؟ ومتى نهى الدين عن المحمل؟ وهل من الخير أن نقحم الدين في كل شأن من الشئون؟

وقبل عام وبعض عام كانت المعركة محتومة بيننا وبين الطغاة المحتلين على ضفاف القناة، وكنا نعبئ قوانا ونستنهض الهمم والعزائم، وإذا بشيخ جليل القدر كبير المكانة، يطلع علينا بمقال ضاف في إحدى الصحف بأن تقبيل زمام جمل المحمل حرام، وأن الدورات السبع لجمل المحمل لم ترد في الكتاب ولا في السنة، وقرأنا هذا الكلام ونحن في قتام المعركة وقبل أن ينجلي عن الملحمة غبارها، نهد للشيخ الوقور من يقول له إن تقبيل زمام الجمل لا يعني إلا تمجيد المعنى الذي يعنيه سفر المحمل إلى البقاع القدسية وأن التقليد القائم على دورات المحمل السبع لا يعني إلا التمثل بالأشواط السبعة حول الكعبة المشرفة أو بالأشواط السبعة بين الصفا والمروة.

وكنت أحب أن أرد على الشيخ، وكانت النفس في سورة جامحة، ذلك أن إثارة ذلك الموضوع في هاتيك الأيام لم يكن يقصد به وجه الله، وإنما كان يراد به صرف الأذهان عن مجاهدة الأعداء.

واليوم أرجو أن أستميح القارئ عذراً إذا تحدثت في هذا الموضوع، فلقد كثر الحديث في

<<  <  ج:
ص:  >  >>