للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

فتش عن الرجل

. . نعم. . فتش عن الرجل. . فهو المسؤول الأول عن كل فرد من أفراد الأسرة التي ترعى شؤونها. . مسؤول عن زوجة وأبنائه وبناته. . . بحكم ما خصه الله به من نفوذ، فجعله قواما على زوجة، ولياَ على أبنائه، وكيلاً عن بناته، راعياً لشؤون الأسرة، شأنه شأن القبطان الذي توكل إليه مهمة القيادة، فيتجنب مواطن الزلل والأخطاء، ليسير بالركب قدماً إلى شاطئ السلامة والاستقرار. . وهذا يتطلب منه - إلى جانب حسن القيادة - اليقظة الحذر، والتبصر بالعواقب، ليحيط رعيته بسياج منيع يحميها، ويقيها الأحداث.

وإذا تهاون الرجل في القيام برسالته، فإن البيت لا يلبث أن يختل نظامه ويضطرب كيانه، وتهدده عوامل الشقاق التي تعصف به وتقوض صروحه!.

فإذا رأينا زوجة ضلت الطريق السوي، فأعلم أن هناك رجلاً لم يعرف كيف يهديها سواء السبيل، ويوجهها الوجهة القويمة، أو أنه ترك لها الحبل على الغارب، فأفلت من يده الزمام!

وإذا رأينا زوجة خرجت عن حدود الكرامة، وغشيت المجالس والأندية التي لا يليق بها أن تغشاها، تراقص الرجال وتحتسي الشراب، فأعلم أن هناك رجلاً مستهتراَ، أباح لها الخروج على هذه الصورة المزرية، وعلمها كيف تتناول الكأس. . وكيف تناوله!.

وإذا رأينا فتى جرفه تيار الغواية، وصرفته شياطين الإنس عن مثل الكرامة، فأعلم أن هنالك أبا أغمض عينيه وغفل عن رعايته وتوجيهه، فانتهى به الأمر إلى هذا المصير المظلم.

وإذا رأيت فتاة خدعتها المظاهر، وبهرتها الأضواء الزائفة، فأعلم أن هنالك أباً تهاون في الرقابة، فجنى على رعيته.

وهذه المآسي الاجتماعية التي نشهدها بين وقت وآخر، والتي تثير في نفوسنا اللوعة والأسى لما تتمخض عنه من تشرد الأبناء وانفصام العرى وانهيار البيوت؛ لو درسنا العوامل التي أفضت إليها، لوجدنا أن للرجل الإصبع الأولى فيها، فهذه الطفولة المشردة التي نشكو آثارها البغيضة، إنما هي ثمرة من ثمار الرجولة المشردة، وهذه الأنوثة التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>